الوحدة 2: المساعدة على إعادة الإدماج على المستوى الفردي

6.2 المساعدة على إعادة الإدماج النفسي - الاجتماعي

إن المساعدة النفسية – الاجتماعية على المستوى الفردي تدعم أحوال العائدين النفسية (بما في ذلك الجوانب العاطفية والسلوكية والثقافية) وقدرتهم على (إعادة) إقامة علاقات وشبكات اجتماعية إيجابية والتعامل مع محركات الهجرة (مجدداً). والمساعدة النفسية – الاجتماعية الفردية تُقدَّم أساساً من خلال تدخلات إسداء المشورة، ولو أنه ينبغي مراعاة الإحالات الإكلينيكية في بعض الحالات. ويمكن أن يكون إسداء المشورة النفسية ملائماً للعائدين حتى إذا لم تكن لديهم احتياجات إكلينيكية لأن آليات التعامل الإيجابية والحياة الاجتماعية الصحية والشبكات والاتصالات حيوية لإعادة الإدماج المستدامة.

وعملية الهجرة تحمل في طياتها تغيرات في مشاعر المهاجرين وأحاسيسهم وأفكارهم وذكرياتهم ومعتقداتهم وعلاقاتهم بالآخرين. وعملية التغير هذه تشمل الأسباب التي من أجلها يقرر المهاجر مغادرة بلده والتجارب التي عاشها أثناء رحلته والطريقة التي يستقبله بها البلد المضيف وكيف استطاع أن يتأقلم ويندمج، وعودته وتأقلمه من جديد في البلد الأصلي. وهذه التجربة يمكن أن تؤثر في الطريقة التي يتصور بها العائدون العالم وثقافتهم (بما في ذلك القواعد الجنسانية) وسلوكهم وطريقة سير الأمور في وسطهم القديم والجديد. وهذه التغيرات يمكن أن تكون إيجابية أو سلبية، كبيرة أو صغيرة، عن وعي أو عن غير وعي. وهي عادة ما تحدث بطريقة عضوية سلسلة ولكن أحياناً يمكن أن تكون عائقاً، ولا سيما عندما تكون الهجرة قسرية أو تنطوي على شروط خطرة أو على استغلال أو عندما تُفرض العودة على المهاجر أو عندما تكون العودة نتيجة خيارات صعبة ببدائل قليلة. وفهم هذه العناصر ومراعاتها أثناء تقديم المساعدة يمكن أن ييسرا إعادة إدماج العائدين.

والترابط بين العناصر المشار إليها أعلاه يحدد رفاه الشخص النفسي لدى عودته. والشعور بالخجل والذنب والتصور السلبي للذات والشعور بالخيبة والشعور بالتقصير والفشل وغير ذلك من ردود الفعل النفسية السلبية كلها أحاسيس ومشاعر تأتي مع صعوبة تقبّل الآخرين أو إعادة إقامة الروابط مع الأسرة والأصدقاء، والتحديات المواجهة في تأمين سبل العيش وأوجه عدم اليقين التي تواجه لدى بداية حياة جديدة في بلد تغير أثناء فترة الغياب (أو يتصور العائدون أنه أصبح مختلفاً جداً بعد تجربة الهجرة). ولا بد من إيلاء اهتمام بالبُعد النفسي لإعادة الإدماج والتحديات النفسية - الاجتماعية والثقافية التي تنطوي عليها إعادة الإدماج لكونه جزءاً من دعم المهاجرين من أجل إعادة الإدماج بشكل مستدام.

والمساعدة النفسية – الاجتماعية لدعم إعادة إدماج الفرد هامة لتكميل التدخلات الأخرى. وهذا صحيح بشكل خاص فيما يتصل بدعم سبل العيش لأن الحالات النفسية تتميز بمستويات ضارة من الكرب والقلق الشديد والوصم الاجتماعي تجعل من الصعب على الفرد الانخراط في برامج كسب العيش أو الاستفادة من فرص كسب العيش. ومثل هذه الحالة النفسية – الاجتماعية يمكن أن تجعل من الصعب حتى مجرد اتخاذ قرارات متماسكة بخصوص المستقبل.

إلى جانب تخصيص المساعدة الملائمة والإحالة اللازمة، يعتبر مدير الحالة أساسياً في تقديم المساعدة المباشرة ودعم العائدين في البُعد النفسي – الاجتماعي لإعادة إدماجهم. ومن الأهمية بمكان مراعاة البُعد النفسي في أي تفاعلات مع العائدين. ودور مدير الحالة فيما يتصل بإعادة الإدماج النفسي يجب بالتالي أن يركز على ما يلي:

  • فهم الأبعاد النفسانية والأبعاد ذات الصلة بالعلاقات الاجتماعية والأبعاد الثقافية للهجرة العائدة؛
  • توفير المشورة فيما يتصل بإعادة الإدماج التي تكون قائمة على التعاطف والدعم وتراعي احتياجات وتوترات الفرد النفسانية؛
  • توفير دعم عاطفي مباشر للمهاجرين الذين يشعرون بكرب بشكل خاص أثناء المشورة؛
  • إحالة المهاجرين الذين هم بحاجة إلى مشورة نفسانية أو إلى خدمات نفسية أخرى؛
  • فهم أن إقامة نظم مجتمعية الأساس للدعم النفسي يمكن أن يساعد المهاجرين العائدين في عملية إعادة الإدماج.

وعندما يتطرق مديرو الحالات للبُعد النفسي لإعادة الإدماج (منذ الاتصال الأول قبل السفر وعند الوصول ومن خلال اجتماعات المتابعة أثناء إسداء المشورة)، بإمكانهم أن يعززوا قدرة العائدين على النجاح في عملية إدماجهم وقدرة أسرهم ومجتمعهم المحلي على المساهمة في هذا النجاح (انظر الفرع 4.3 لمعرفة المزيد عن المساعدة النفسية على مستوى المجتمع المحلي). والنظر في البُعد النفسي أثناء عملية إعادة الإدماج يجعل تدخّل مدير الحالة أكثر فعالية في كل من التعامل مع التعقد العاطفي للعودة وتصميم وتنفيذ خطط إعادة الإدماج.

يعطي هذا الفصل لمحة مفصلة عن الأنواع التالية من أنواع المساعدة النفسية التي يوصى بها عادة وبمراعاتها في خطة إعادة الإدماج على المستوى الفردي، وتدعمه توجيهات أخرى في المرافق التالية:

1.6.2  إسداء المشورة لأغراض الرفاه النفسي - الاجتماعي
2.6.2  إسداء المشورة للعائد والأسرة
3.6.2  استنباط خطة إحالة للدعم العقلي والنفسي - الاجتماعي

1.6.2 إسداء المشورة لأغراض الرفاه النفسي - الاجتماعي

بالإضافة إلى إسداء المشورة فيما يتصل بإعادة الإدماج (انظر الفرع 1.2)، قد يحتاج مديرو الحالات إلى دعم العائدين على التغلب على صعوباتهم النفسية. ودعم رفاه العائد النفسي متغلغلة بالتالي في العديد من الجوانب الأخرى لمهمة مدير الحالة ويمكن أن يكون أساسياً في جعل المستفيد يشعر بالتحفيز والتشجيع على المشاركة والدعم.

وإسداء المشورة في المجال النفسي – الاجتماعي في سياق المساعدة على إعادة الإدماج إنما هو تدخّل من أجل الدعم يقوم على أساس الإنصات وطرح الأسئلة الوجيهة وتقاسم المعلومات، بما يرمي إلى مساعدة العائدين على ما يلي:

  • الوعي بحالتهم؛
  • الوعي بفرص وتحديات إعادة الإدماج؛
  • الحد من الشعور بالذنب؛
  • زيادة الاعتداد بالذات؛
  • الحد من الشعور بالوصم؛
  • الاندماج في المجتمع المحلي.

Hand-Point -2

   المرفق 1 يوفر مزيداً من التفاصيل عن تقنيات إسداء المشورة لتوفير الدعم النفسي – الاجتماعي الفردي. وبالتحديد فإن الفرعين 1.دال و1.هاء يوجهان مديري الحالات من خلال المساعدة أو المشورة أو التواصل مع المهاجر الذي يشكو من اضطراب عقلي من قبيل الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة أو الاكتئاب أو الاضطراب الذهاني بل وحتى الأزمة الذهانية الحادة.

Created with Sketch.

بإمكان مديري الحالات أن يلعبوا دوراً هاماً في تثبيت أو خفض معاناة العائدين العاطفية. وجميع تقنيات التواصل الموصى بها لإسداء المشورة (انظر المرفق 1.ألف)، إلى جانب المعرفة الأساسية بعلامات وأعراض الاضطرابات العقلية، مفيدة في خلق جو من السلامة والثقة وتوجيه العائد الذي يشكو أو لا يشكو من اضطراب عقلي مشخّص في طريق إعادة الإدماج المستدامة.

وفي نفس الوقت، يتعين على مديري الحالات أن يكونوا في جميع الأوقات واعين بحدود قدراتهم وعدم محاولة فعل كل شيء بمفردهم. وبالنسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم أكثر تركيزا،ً من الأساسي الإحالة إلى مستشار أو أخصائي في الأمراض النفسية متخصص كلياً في الصحة العقلية. وبالنسبة لأولئك الذين هم في حاجة إلى رعاية سريرية متخصصة تعتبر الإحالة إلى أخصائي في الصحة العقلية ضرورية. وعلى مدير الحالة أن يشرح بعبارات بسيطة سبب الإحالة ونوع الدعم الذي سيتلقاه العائد والتماس رأي العائدين (يجب ألا يغيب عن الأذهان الوصم المحيط بمسائل الصحة العقلية في جميع الأحوال).

فهم آليات التعامل 

غالباً ما تكون إعادة الإدماج أكثر توفيقاً واستدامة إذا ارتأى العائدون أن هجرة العودة، شأنها شأن أي تجربة حياة، إيجابية وسلبية في آن واحد وليست إما إيجابية أو سلبية. ودعماً لطريقة التفكير هذه بإمكان مديري الحالات استخدام شبكة نواتج الظواهر المعيقة التي وضعها رينوس بابادوبولوس، والتي تميز بين ثلاث فئات من الاستجابة للتجارب الهدامة. ويمكن أن تُرشد هذه الشبكة مدير الحالة في فهم تجربة العودة من منظور مختلف المجموعات (الفرد والأسرة والمجتمع المحلي وعامة المجتمع). ويمكن أن تنظم تجربة العائد عن طريق تصنيف الخصال الإيجابية والداعمة والعناصر السلبية والمؤدية إلى نتائج عكسية.

وتحديد الاستجابات السلبية للتحدي المتمثل في تجربة الهجرة يساعد على فهم الاحتياجات النفسية القائمة والتفكير في طريقة ممكنة لمعالجتها من خلال الإحالة إلى مستوى الرعاية الملائم. وتحديد الخصائص الإيجابية للعودة والتطورات المنبثقة عن تجربة الهجرة يساعد على تكييف خطة إعادة الإدماج وفقاً لاحتياجات العائد النفسية.

الجدول 8.2: إطار نواتج الظواهر الهدامة

  المعانأة القدرة على التحمّل التطور الشخصي الذي تفعّله المِحَن
الفرد      
الاسرة      
المجتمع المحلي      
المجتمع      

المصدر: بابادوبولوس، 2002 .

  • المعاناة ردة فعل سلبية عادية على تحدٍ ما وتشمل الآثار التي غالباً ما يشعر بها الإنسان من قبيل الألم والشعور بالغُبن والتوهان والارتباك، فضلاً عن مختلف أنواع الظواهر النفسية – الاجتماعية بل وحتى ظواهر الأمراض العقلية والنقائص التي يعاني منها المهاجرون في هذا المجال.

  • القدرة على التحمل تشير إلى الخصائص الفردية وأوجه السلوك والعلاقات والعادات التي تسمح للعائد بتحمّل الضغط. وهذه الخصائص الإيجابية (مثل التفاؤل والسخرية والسخرية من النفس والوعي الذاتي)، والوظائف الإيجابية (مثل التقبّل) والمقدرات الإيجابية (مثل حل المشاكل والخصائص الشخصية) تتجلّى منذ ما قبل مواجهة الشخص للتحدي. وهذا يعني أن العائد قد يكون شهد مصاعب أو عنفاً أو مسيرة خطرة واستخدم الخصائص القائمة لمواجهة تلك التحديات.

  • التطور الشخصي الذي تفعّله المِحَن هو رد إيجابي على التحدي. وبالإضافة إلى القدرة على الصمود فإن أي شخص يتعرض لتجارب مجهدة يكسب أيضاً بعض الأشياء الإيجابية. والمثل الشائع في معظم اللغات والثقافات والذي مفاده أن "ما لا يقتلك يقويك" ينقل واقع أن تجربة الأحداث الهدامة لها أيضاً قدرة على تغيير الشخص. وبإمكانها أن تجعل الشخص يغير رؤيته للعالم وأولوياته في الحياة وقيمه ومعتقداته وما إلى ذلك. ورد الفعل هذا يُعرف أيضاً ﺒ "التطورات التي تفعّلها المِحَن" لأنها تشير إلى الجوانب المحدِثة لتغييرات إيجابية ويفعّلها تحديداً التعرض لتجارب هدامة. وقد يكون المهاجر قد تعلم مهارات ولغات جديدة واكتشف خصائص ومواقف جديدة واستكشف ثقافات جديدة، وهذه كلها أمور يمكن أن تساعده هو وأسرته. ويمكن الاعتماد على هذه العناصر لدى العودة ويمكن أن يساعد ذلك العائدين أيضاً على استعادة وتعزيز دورهم اجتماعي في مجتمعاتهم المحلية. ولو أن العائد قد يركز على وصف الجوانب السلبية للعودة، إلا أنه من المفيد والمهم مساعدته على التفكير في التطورات التي تفعّلها المحِن وكيفية استخدام هذه التطورات أثناء إعادة الإدماج في بلده الأصلي.

دعم آليات التكيف الوظيفي

بإمكان العائد استخدام مختلف طرق التكيف التي تطورت على امتداد حياته، بما في ذلك أثناء الهجرة. وبإمكان آليات التكيف الوظيفي المساعدة على التقليل من مشاعر الكرب ويمكن أن تساعد العائد مباشرة على التعامل مع الوضع التي تسبّب في الإجهاد. وبإمكان آليات التكيف الوظيفي أن تفعّل أيضاً التطورات لمساعدة اللاجئين على المضي قدماً والتفكير في تغيير إيجابي. وهذا هام جداً عندما يتعلق الأمر بإعادة الإدماج التي تستتبع التحدي النفسي – الاجتماعي المتمثل في التأقلم من جديد. وآليات التكيف التالية تستحق التشجيع، من بين آليات أخرى: 

  • الحاجة إلى دعم اجتماعي والسعي وراء هذا الدعم، سواء كان ذلك بين مهاجرين آخرين أو داخل المجتمع المحلي، عامل تكيف هام. 

  • العقيدة والصلاة عاملا تكيف يمكن أن يستخدمهما المهاجرون للتقليل من مشاعر فقدان الأمل.

  • الشعور بالمسؤولية في أعين الآخرين عامل تكيف للتقليل من خطر اعتماد موقف سلبي وخطر الشعور بفقدان الأمل، وهي عوامل تعيق أية خطوات إلى الأمام في طريقة إعادة الإدماج.

  • تجربة الهجرة، ولئن كانت صعبة، إلا أنها يمكن أن تفعّل تطورات في شكل تعلّم لغة أو مهارة.

Created with Sketch. دراسة الحالة 7:

   "بداية حياة جديدة" في إثيوبيا

الإقامة في الخارج لمدة طويلة من الزمن، إلى جانب سياق متطور بشكل سريع في البلد الأصلي، غالباً ما يزيدان من تفاقم مشاعر الغربة وعدم اليقين في صفوف العائدين. ولمعالجة هذا الأمر، صمّم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في إثيوبيا، بتعاون وثيق مع المنظمة غير الحكومية "المرأة في التشغيل الذاتي"، دورة تدريسية لمدة يومين للتوجيه بخصوص "بداية حياة جديدة" تمكّن العائدين من البدء في اعتبار إعادة إدماجهم فصلاً جديداً من فصول حياتهم. وتساعد "بداية حياة جديدة" العائدين على إيجاد سبل لإقامة الروابط من جديد مع بلدهم الأصلي.

وتساعد الدورات التدريبية التوجيهية المستفيدين على بناء الثقة بقدراتهم لإعادة الاندماج عن طريق استكشاف نقاط قوتهم ومهاراتهم وتجاربهم. وتعزز الدورات التدريبية التوجيهية فهمهم للفرص المتاحة لدى العودة. ومن خلال الحوارات التفاعلية ولعب الأدوار، يتقاسم العائدون تجاربهم ويعززون الثقة بالنفس ويناقشون سبل التخفيف من وطأة التحديات المحتملة في مجال إعادة الإدماج. ويتلقون أيضاً معلومات عملية حول كيفية البحث عن المعلومات عن الأنشطة المدرة للدخل، والتعليم، والتدريب المهني، وغير ذلك من الخدمات المفيدة لإعادة إدماجهم. وبالإضافة إلى ذلك، وبعد فحص من المنظمة الدولية للهجرة، يمكن إحالة العائدين إلى دورات تدريبية أخرى لمدة خمسة أيام بشأن المهارات في مجال المشاريع، تيسّره منظمة المرأة في التشغيل الذاتي غير الحكومية.

ولزيادة عدد الحضور إلى أقصى حد تتم أنشطة التوجيه هذه في مراكز عبور تقع بأديس أبابا، العاصمة، قبل عودة المستفيدين إلى مجتمعاتهم الأصلية. وتُجرى الدورات الدراسية التوجيهية باللغات المحلية ويتلقى العائدون دليلاً بلغتهم المحلية يمكنهم الرجوع إليه بعد مغادرة مركز العبور.

وبعد الدورة التدريبية التوجيهية يقوم فريق إعادة الإدماج التابع للمنظمة الدولية للهجرة بالمتابعة مع المستفيدين في مجتمعاتهم المحلية لتحديد وتنفيذ خطة إعادة إدماجهم.

Created with Sketch. نصائح للنجاح:
  • تحديد المناطق التي تحدث فيها عمليات عودة متزامنة إلى مناطق نائية مختلفة.
  •  التركيز على المستفيدين الذين قضوا وقتاً طويلاً في الخارج أو يشعرون بانقطاع روابطهم مع مجتمعاتهم الأصلية.

2.6.2 إسداء المشورة للعائد والأسرة

إن معاناة الفرد والقدرة على التأقلم والتطور الشخصي الذي تفعّله المِحن لا يمكن عزلها عن معاناة العائلة والأسرة والمجتمع المحلي الواسع. وبشكل خاص بإمكان الأسرة أن تكون عنصر دعم عندما تساعد العائد على التعامل مع تحديات إعادة الإدماج. ومع ذلك يمكن أيضاً أن تعزز الأسر المعاناة، مثلاً إذا كانت لديها صعوبة في قبول قريبها العائد من الخارج لأنها تعتبر ذلك الشخص عبئاً.

والتعاون مع الأسرة مستصوب، متى أمكن ذلك، لدعم رفاه العائد اليومي. ويمكن أن تمثل مشورة الأسرة خطوة أولى في طريق إقامة هذا الدعم. وإسداء المشورة لأسرة ما من شأنه أن يعزّز الأسرة كمجموعة. كما يمكن أن تعزز المشورة تماسك الأسرة وتفعيل الموارد الداخلية والخارجية التي يمكن أن تساعد في عملية إعادة إدماج المهاجر العائد أو العائلة العائدة بأكملها.

ومشورة الأسرة لدى العودة يجب أن تقوم على أساس تقييم الأسرة. ويتعين على العائد إبلاغ مدير الحالة بما إذا كان يرغب في قيام مدير الحالة بإجراء جلسة المشورة مع العائلة وما إذا كان يرغب في المشاركة فيها.

  •  في حالة الوحدة العائلية العائدة يمكن أن تكون العودة قد عززت وحدة الأسرة أو أدت إلى تردي العلاقات داخلها. وعلى مدير حالة إعادة الهجرة أن يستكشف جميع الاحتمالات التي يمكن أن تساعد الأسرة على مواجهة مستقبل جديد في المجتمع الأصلي. غير أنه ليس من مهام مدير حالة إعادة الإدماج إصلاح مشاكل العلاقات العائلية. وبإمكان مدير الحالة أن يساعد الأسرة العائدة على المضي قدماً عن طريق استنباط خطة لإعادة الإدماج معهم تراعي المخاطر والفرص النفسية – الاجتماعية التي يواجهها العائدون في البلد الأصلي. ومن بين الأسئلة التي يمكن أن توجّه هذه المناقشة ما يلي:

    • هل وُلد أطفالكم في الخارج؟

    • هل يتحدث أطفالكم لغة البلد؟

    • ما هو مستوى الدراسة الذي بلغه أطفالكم؟

    • هل تعلمت أنت وزوجتك (أنتِ وزوجك) مهنة في الخارج؟

    • ما هي أولوياتكم الآن؟

    • هل بقيتكم على اتصال بعائلاتكم؟ هل هي مستعدة لدعمكم؟

    • هل بقيتكم على اتصال بأصدقاء أو بأفراد آخرين من مجتمعكم المحلي؟

  • إذا كانت الأسرة قد بقيت في البلد الأصلي ولم تهاجر يمكن أن تكون لدى أفراد الأسرة مشاعر متباينة تجاه القريب العائد، ولا سيما بعد أن تكون الأسرة قد أقدمت على استثمار مالي في مساعدته على المغادرة وها هو الآن يحتاج إلى دعم من جديد لدى عودته. وأحياناً لا تستطيع الأسرة أو لا تريد فهم سبب كون شخص عاش في الخارج يعود "خالي الوفاض". ومشاعر انعدام الثقة وخيبة الأمل يمكن أن تؤدي إلى عدم استعداد الأقارب لدعم العائدين الذين لهم احتياجات أساسية. لهذا السبب فإنه من الأساسي طرح السؤال لمعرفة تطلعات ومشاعر أولئك الذين بقوا في البلد الأصلي. ومن بين الأسئلة التي يمكن طرحها لاستكشاف هذه المشاعر ما يلي27:

    • كيف تنظرون إلى عودة قريبكم؟

    • هل ترون أن ذلك فشل أم أنه فرصة؟

    • هل تعتبرون قريبكم عبئاً؟

    • كيف يمكن في رأيكم تحويل عودة قريبكم إلى مكسب للعائلة؟

  •  إذا كان الفرد العائد أو أحد أفراد أسرته العائدة يشكو من مشاكل صحية (بما في ذلك مشاكل صحة عقلية من الأهمية بمكان تقييم قدرة الأسرة على التعامل مع القريب المعتل الصحة. ويمكن أن تشمل الأسئلة التي يمكن طرحها لفهم هذه المسألة بشكل أفضل ما يلي:

    • هل أنتم على علم باضطراب قريبكم العقلي؟

    • هل تعتقدون أنه بإمكانكم التعامل معه؟ هل لديكم الموارد المالية اللازمة لشراء الأدوية؟

    • هل تعتقدون أنه بإمكانكم الحد من معاناة قريبكم؟

    • هل تعرفون أين يمكن الحصول على دعم لقريبكم؟

    • في رأيكم، ما موقف مجتمعكم المحلي من أحوال الصحة العقلية؟

    • هل تعتقدون أنه بإمكان مجتمعكم المحلي أن يدعمكم في التعامل مع اختلال صحة قريبكم العقلية؟

Disclaimer-icon Created with Sketch. Disclaimer

كل ما سبق وصفه بخصوص إسداء المشورة الفردية من حيث التواصل الفعال والوسط يسري أيضاً على العائلات (المرفق 1-ألف) مع بعض الاختلافات. ويجب أن تُحترم بدقة تقنيات الإنصات الفعال: يجب أن يقيم مقدّم المشورة توازناً بين الإنصات إلى أفراد الأسرة الكبار وأيضاً السماح للأطفال بالتعبير عن آرائهم. والتوازن هام أيضاً في الاستماع لجميع أفراد الأسرة الكبار، سهرا على أن تكون جميع وجهات النظر ممثلة. وفي بعض الحالات، قد يكون من المفيد الاستماع للأفراد بشكل منفصل حتى يتسنى للجميع التعبير عن آرائهم كما ينبغي.
 

3.6.2 استنباط خطة إحالة للدعم العقلي والنفسي – الاجتماعي

كما ورد شرح ذلك في الفرع 2.3.2 تستفيد عمليات الإحالة الفعالة من الإعداد المسبق. والأمثل أن يكون مديرو الحالات على علم باحتياجات كل عائد في مجال الصحة الجسدية والعقلية قبل وصول العائد إلى بلده الأصلي.

وفيما يتصل بالدعم في مجال الصحة العقلية والدعم النفسي – الاجتماعي، يجب أن يكون مديرو الحالات على علم بظواهر الاضطرابات الشائعة، وكيفية التواصل مع الأشخاص الذين تبدو عليهم هذه الاضطرابات وكيفية تقديم الدعم العاطفي المباشر (انظر المرفق 1.دال والمرفق 1.هاء) ويجب أن تكون لدى آليات الإحالة خطوط تواصل فعالة ومسارات وإجراءات إحالة مبينة بوضوح في خطوات متسلسلة واضحة وبسيطة (انظر الفرع 3.1.4).

ومن حيث خدمات الإحالة، من الضروري التمييز بين:

  1. الإحالة الفورية المنقذة للحياة إلى مرافق الصحة العقلية والصحة النفسي السريرية أو، إذا لم تكن هذه المرافق متاحة، إلى مرافق الصحة العامة؛

  2. الإحالة إلى المشورة النفسي أو العلاج النفسي؛

  3. الإحالة إلى الدعم النفسي – الاجتماعي الشامل.

ويعرض هذا الفرع تفاصيل العائدين الذين يجب إحالتهم إلى هذه الفئات من فئات الرعاية. والخدمات الموفّرة في كل فئة من فئات الرعاية واردة في المرفق 8. وجميع مرافق الإحالة المدرجة في المرفق 8، انطلاقاً من الرعاية النفسية المتخصصة ووصولاً إلى الدعم النفسي – الاجتماعي الشامل، تركز على صحة العائد العقلية ورفاهه اللذين هما حجر الأساس لإعادة الإدماج المستدامة. وهذه الخدمات تكمّل وتعزّز عمل مدير الحالة المعني بإعادة الإدماج عن طريق توفير المشورة الرسمية وغير الرسمية بخصوص تكييف خطط إعادة إدماج فردية.

الإحالة إلى الرعاية في مجالي الطب النفسي والرعاية النفسية السريرية

يجب إحالة العائدين الذين يشكون من اضطرابات خطيرة إلى مساعدة المهنيين في الوقت المناسب. وهؤلاء العائدون هم:

  • العائدون الذين حاولوا الانتحار وما زالت لديهم نية المحاولة من جديد، أو هم يهددون بالانتحار؛

  • العائدون الذين لهم سلوك عدواني بشكل خاص ويمكن أن يؤذوا أنفسهم أو مديري الحالات أو الأشخاص المتواجدين بمباني المنظمة؛

  • العائدون المدمنون على الكحول والمخدرات؛

  • العائدون الذين هم مختلو المدارك العقلية بدرجة أنه لا يمكنهم تذكر تفاصيل بسيطة جداً عن حياتهم (مثل الاسم) ولا يمكنهم القيام بالمهام الأساسية (مثل الأكل)؛

  • العائدون الذين هم في حالة كرب ولا يمكن تهدئتهم باستخدام تقنيات الاسترخاء الوارد وصفها في نهاية هذا الفصل؛

  • العائدون الذين يبلّغون عن حالة مرض نفسي قائمة، ولا سيما في حالة عدم تعاطي المخدرات لفترة طويلة من الزمن؛

  • العائدون الذين يُعرف أنهم عادوا وهم مصابون بعلّة صحية عقلية مشخصة؛

  • العائدون الذين يلتمسون رعاية صحية نفسانية.

الإحالة إلى المشورة والعلاج النفسانيين

من بين العائدين الذين يجب إحالتهم إلى المشورة النفسانية والعلاج النفسي أولئك الذين:

  • يرتأى أنهم يظلون منعزلين أو منعكفين معظم الوقت ولا يبدو لديهم أي اهتمام واضح بالأنشطة الجارية حولهم؛

  • إذا اقترب منهم أحد يصيرون في حالة اضطراب وهيجان أو يجهشون بالبكاء؛

  • العائدون الذين يبدون ممانعة مفرطة للتواصل مع الآخرين متى اقتربوا منهم؛

  • العائدون الذين يبدون في حالة اكتئاب شديد للغاية؛

  • العائدون الذين يشعرون بالحزن أو يبوحون أثناء المقابلة بأن لديهم هواجس وأفكاراً وسواسية حول أحداث الماضي؛

  • العائدون الذين شهدوا فترة سجن مطولة أو عنفاً شخصياً أو كانوا شهوداً على حالات وفاة مأساوية.

الإحالة إلى الدعم النفسي – الاجتماعي

يجب إحالة العائدين إلى دعم نفسي – اجتماعي إضافي، بمن فيهم أولئك الذين يواجهون صعوبات عاطفية أو نفسية – اجتماعية أو يلتمسون هذا النوع من الدعم.

أما بالنسبة للعائدين في أي فئة من الفئات أعلاه فإنه بإمكان، بل من واجب، مديري الحالات توفير أو تنسيق جميع الجوانب الأخرى لخطة إعادة إدماجهم، بما في ذلك إسداء المشورة والمتابعة فيما يتصل بإعادة الإدماج.

وترد في المرفق 5 خطة جدوى التحديد والإحالة إلى موفري الخدمات النفسية – الاجتماعية أو خدمات طب النفس أو الخدمات الإكلينيكية.

27  يتعين على مدير الحالة التماس موافقة العائد قبل طرح هذه الأسئلة على أفراد الأسرة.