تشمل المساعدة النفسية – الاجتماعية على إعادة الإدماج على مستوى المجتمع المحلي الأنشطة التي تعزز الشبكات الاجتماعية داخل المجتمعات المحلية لتمكين العائدين داخل تلك الشبكات وتشجيع القبول الأوسع للمهاجرين العائدين داخل المجتمع المحلي. وهذه الأنشطة تكون مفيدة للغاية عندما يفتقر العائدون لروابط اجتماعية متينة تربطهم بمجتمعات العودة أو عندما لا تكون ديناميات المجتمع المحلي مفضية إلى إعادة إدماج العائدين.
وإلى جانب المساعدة النفسية – الاجتماعية الفردية تعد الشبكات والهياكل الاجتماعية على صعيد المجتمع المحلي هامة لأغراض عملية إعادة الإدماج النفسية – الاجتماعية. وحتى إذا كانت لدى العائدين شبكات اجتماعية في بلدهم الأصلي فإن ديناميات المجتمعات المحلية لا تفضي أحياناً إلى إعادة إدماج العائدين أو يمكن حتى أن تكون وصماً للعائدين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الهجرة قد تخلق، في ذهن الفرد، فجوة لا بد من سدها عن طريق التفاعل وإقامة اتصالات جديدة بالمجتمع الأصلي وداخله. وتهدف المساعدة النفسية – الاجتماعية على مستوى المجتمع المحلي إلى إدراج العائدين في نظم الدعم الاجتماعي داخل المجتمع عن طريق تشجيع التفاهم والقبول المتبادلين والحد من وصم المهاجرين العائدين. وهذه المبادرات تعود بالنفع على العائدين من خلال مدّهم بالروابط الاجتماعية ودعم تمكينهم. وهي تساعد المجتمعات المحلية من خلال تمكينها من الاستفادة والتعلم من عمليات إعادة إدماج العائدين.
والعائدون الذين يعودون في حالة صحية عقلية معتلة يحملون وصماً مزدوجاً: من جهة فهم يكافحون الأعراض والإعاقات التي تنتج عن وضعهم؛ ومن جهة أخرى يواجهون تحدي الآراء المسبقة لدى عامة السكان و، عادة، الآراء المسبقة في أسرهم ومجتمعاتهم المحلية. والدعم النفسي – الاجتماعي الذين تُطالب منظمة إعادة الإدماج الرائدة بتقديمه يمكن أن يكون أكثر فعالية شريطة إشراكه للأسر والمجتمعات المحلية، وذلك حتى قبل عودة العائد الفعلية. وجميع أنشطة إشراك المجتمعات المحلية الوارد وصفها في هذا الفرع يمكن أن تساعد أيضاً على مكافحة الوصم المتصل بالمرض العقلي. وهي تشمل تقديم المعلومات عن الصحة العقلية وتشجع الاتصال بالعائدين المعنيين. وللاطلاع على وصف مفصّل للخطوات التي يمكن أن يوفّر بها الدعم النفسي – الاجتماعي على مستوى الأسرة والمجتمع المحلي، انظر المرفق 1.
يقدم هذا الفصل استعراضاً عاماً مفصّلاً لمختلف مناهج دعم إعادة الإدماج النفسي – الاجتماعي المجتمعي الأساس.
1.5.3 أنشطة التعبئة على صعيد المجتمع المحلي
2.5.3 آليات دعم النظراء
3.5.3 الشبكات المجتمعية
1.5.3 أنشطة التعبئة على صعيد المجتمع المحلي
جميع الأنشطة التي تندرج في إطار النهج النفسي – الاجتماعي المجتمعي الأساس تجاه إعادة الإدماج تدعم أهداف التعبئة المجتمعية الأوسع.
وترمي تعبئة المجتمع المحلي إلى تطوير الشمولية واعتماد موقف إيجابي تجاه إعادة إدماج العائدين عن طريق التصدي للوصم المحتمل. وفي أنشطة التعبئة يقوم أعضاء المجتمع المحلي أو الجماعات أو المنظمات بتخطيط وتنفيذ أنشطة تشاركية، إما بمبادرة منها أو بحفز من الآخرين. وينطوي هذا العمل على عمليات مثل إذكاء الوعي وبناء الالتزام والتعهد؛ وإعطاء أعضاء المجتمع المحلي فرصة لاستكشاف معتقداتهم ومواقفهم وممارساتهم القائمة؛ والتخطيط لكيفية مواجهة تحدياتهم على أفضل وجه، وتنفيذ خططهم ورصد تقدمهم؛ وتقييم النتائج. وتنشئ المجتمعات المحلية، من خلال مشاركتها في العملية، الهياكل التنظيمية والعلاقات اللازمة. ويضع العائدون شبكتهم الخاصة للدعم الاجتماعي بما يساعدهم على التقليل من عوامل الإجهاد ويحسّن جوانب حياتهم الأخرى.
وفيما يتصل بتعبئة المجتمع المحلي في سياق المساعدة النفسية – الاجتماعية على إعادة الإدماج، يُعرض في هذا الفرع ثلاثة أنواع من التدخلات على مستوى المجتمع المحلي:
- تيسير آليات ونظم دعم النظراء؛
- إطلاع العائدين على المنظومات الثقافية والترفيهية والفنية المحددة ودعم تلك المنظومات؛
- تشجيع ودعم التظاهرات والعمليات التي تؤثر تأثيراً إيجابياً على تصور المجتمع السائد للعائدين.
تتمثل تقنية ناجحة لبناء الثقة داخل المجموعات والحد من الخلافات داخل المجموعات في النُهج الذي يُعرف بنهج "قصتي". في هذا النشاط يكتب أفراد المجموعات قصصاً قصيرة عن نفسهم ردّاً على مجموعة من الأسئلة الشخصية (أسئلة مثل هل أنت منظّم أو هل أنت بالأحرى فوضوي؟ ما هي الأنشطة البدنية التي تمارسها؟ ما هي هواياتك؟) ثم يعرضون قصصهم على الشركاء أو على المجموعات. والتمارين من هذا القبيل تشجع الثقة والتآلف في بيئة تزرع ثقافة الانفتاح والصراحة وتقاسم المعلومات
Turner, J. and Y. Kim.
2005 Learning about building literacy communities in multicultural and multilingual classrooms. (تعلم تثقيف المجتمعات المحلية في فصول دراسية متعددة الثقافات واللغات)التثقيف والتعلّم، 10(1):21–41
انظر أيضاً:
Huddy, S.
2015 Vulnerability in the classroom: Instructor’s ability to build trust impacts the student’s learning experience. International Journal of Education Research, 10(2).) (مواطن الضعف في الفصل الدراسي: قدرة المدرس على بناء الثقة تؤثر في تجربة الطالب في مجال التعلم. المجلة الدولية للبحث في مجال التعليم، 10(2).
2.5.3 آليات دعم النظراء
تستخدم آليات دعم النظراء الموارد والقدرات المتاحة داخل المجتمع المحلي (بمن في ذلك العائدون) لبناء شبكات الدعم للتعامل مع إعادة الإدماج أو غيرها من التحديات. ولما كانت هذه الآليات تعتمد على الموارد المتاحة فإن الدعم المقدم ملائم محلياً فضلاً عن كونه من المحتمل أن يدوم بعد الإطار الزمني المحدد للبرنامج.
نهج الإرشاد
يستند هذا النهج إلى علاقة داعمة بين النظيرين اللذين لهما تجارب مماثلة، مثلاً العائد الوافد حديثاً والعائد سابقاً من نفس المكان. وهذا يُعتبر شكلاً تمكينياً من أشكال الدعم النفسي – الاجتماعي يُكتسب من خلال أنشطة التدريب المنظمة.
والعائدون الناجحون بشكل خاص في إعادة إدماجهم، أو أولئك الذين لهم تجربة في المشاركة المجتمعية، أو أولئك الذين لهم خلفيات محددة (مثل العاملين الاجتماعيين أو المدرسين) يمكن أن يعملوا كمرشدين. ويعمل هؤلاء المرشدون العائدون كشبكة دعم غير رسمية للعائدين الوافدين حديثاً. وبإمكانهم أن يساعدوهم على خوض صعوبات العودة أو مجرد العمل كنقطة مرجعية.
ويمكن إنشاء شبكة من المرشدين وإضفاء الصبغة الرسمية عليها ودعمها في لقاءات سنوية ودورات تدريبية، مثل التدريب على نهج الإرشاد الوارد وصفه أدناه. وأثناء المشورة الفردية يجب إحالة العائدين إلى شبكة الإرشاد متى كانت متاحة وملائمة.
من هو المرشد؟
المرشد هو عادة متطوع يكون جاهزاً لدعم عائد في التأقلم مع سياق العودة بما يخفف من عزلته. وهو شخص يمكن أن يفهم تجربة العائد لأنه عاش شيئاً مماثلاً أيضاً. وهو شخص يكون قد تلقى تدريباً للقيام بهذا الدور. والمرشد يمكن أن يكون أيضاً فرداً من أفراد المجتمع المحلي ربما لا يكون قد هاجر ولكنه يفهم احتياجات وفرص العائدين.
من لا يُعتبر مرشداً؟
المرشد ليس مدير حالة لأن المرشد يعمل بطريقة غير رسمية. والمرشدون ليسوا مشرفين لأنهم لا يديرون أو يرصدون إعادة إدماج العائدين.
ماذا يفعل المرشد؟
يدعم المرشد العائد الوافد حديثاً بحل المشاكل العملية، من قبيل تقديم المعلومات عن الخدمات أو الإجراءات أو المعاملات فيما يتصل بكون البلد ربما يكون قد تغير وأصبح العائد يحتاج إلى مساعدة في شق طريقه. والمرشد، بالاعتماد على قصته الشخصية في مجال إعادة الإدماج، يشجع اعتماد العائد على نفسه بشكل استباقي ويساعد أيضاً على تذليل العقبات الاجتماعية أمام إعادة الإدماج.
تدريب المرشد
بصرف النظر عن بعض المواقف من قبيل أن يكون المرشد واعياً وجازماً ومتواجداً يجب أن يتلقى أيضاً تدريباً يشمل جوانب مثل الجوانب التالية:
- أنواع الأنشطة التي يمكن أن يقوم بها المرشدون والعائدون معاً؛
- كيفية الإنصات بطريقة فعالة (انظر المرفق 1-ألف)؛
- كيفية إدارة التوقعات والتأقلم معها؛
- كيفية تشجيع العلاقات المتساوية والقائمة على الاحترام؛
- كيفية إحالة العائد إلى خدمة أو وكالة مساعدة؛
- كيفية توفير الإسعاف النفساني الأولي (انظر المرفق 1جيم)؛
- كيفية إنهاء علاقة المرشد.
كيفية وضع نهج إرشاد فعال
يمكن لمنظمة إعادة الإدماج الرائدة، بمساعدة المنظمات والمجتمعات والسلطات المحلية، أن تضع نهجاً فعالاً للإرشاد عن طريق:
- الاجتماع مع قادة المجتمع المحلي أو، إذا أمكن ذلك، مع المجتمعات المحلية أثناء التظاهرات الجماعية لشرح دور المرشد وأهمية هذا الدور؛
- طلب متطوعين، ومن الأفضل أن يكون ذلك في صفوف العائدين السابقين الذين يكونون قد استفادوا من دعم المنظمات أو الكيانات المساعِدة. ويجب، متى أمكن ذلك، اختيار المتطوعين من الذكور والإناث؛
- تنظيم تدريب رسمي على نهج الإرشاد، بما يغطي الموضوعات الوارد وصفها أعلاه. ويستتبع ذلك عادة فترة تدريب أولي لمدة يومين على الأقل ودورات سنوية لتجديد المعارف؛
- تنظيم إشراف منتظم مع المرشدين كيما يتسنى لهم تبادل وجهات النظر ومعالجة أكثر المسائل شيوعاً والتماس الحلول؛
- دعم العائدين في احتياجاتهم العاطفية؛
- تقييم نهج الإرشاد على أساس منتظم عن طريق الاجتماع مع العائدين في نهاية دورة الإرشاد.
مجموعات دعم النظراء
مجموعات دعم النظراء شكل موحد من أشكال الدعم الجماعي يتفاعل فيه الأفراد من ذوي تجارب حياتية مماثلة ويقيمون روابط مساعدة. وفي سياق إعادة الإدماج، تتمثل أوجه الشبه في كون المشاركين في أفرقة دعم النظراء قد مروا بتجارب مماثلة في مجال الهجرة. وبهذا المعنى فإن مجموعات دعم النظراء تشكل شبكة دعم اجتماعي وعاطفي وجسدي ومادي ويمكن أن تساعد العائدين على الشعور بأنهم جزء من مجموعة والتغلب على مشاعرهم بالعزلة الاجتماعية وإقامة جسر يربطهم بالمجتمع المحلي. ورهناً بالسياق، لا بد من المراعاة اللازمة لما إذا كان من المناسب أو الأفضل أن تكون المجموعات مختلطة أو مؤلفة من أحد الجنسين فقط.
ويمكن أن تشكل مجموعات النظراء أنفسها بتلقائية ولكن يمكن أيضاً أن تتكون وتتمحور بشكل عقلاني. ولا بد لمجموعة دعم النظراء المنظمة من الأخذ بالعناصر التالية:
- عقد ما بين اجتماع وستة اجتماعات لمدة ساعة يمكن أن تُقرر المجموعة تمديدها لمدة تصل إلى سنة؛
- من الأمثل أن يكون عدد المشاركين ما بين 8 مشاركين و20 مشاركاً. والوافدون الجدد يجب عدم إدراجهم في المجموعات القائمة بالفعل بل يجب بالأحرى تشكيل مجموعات جديدة، ويمكن توخي المرونة في ذلك نظراً للمسافات الجغرافية ومراعاة للروابط القائمة؛
- وجود ميسر ذي خبرة: ويمكن تحديد الميسر ذي الخبرة من بين المهنيين أو يمكن أن يكون عائداً قد تلقى تدريباً لتيسير مجموعات دعم النظراء؛
- يجب تقديم المعلومات عن فريق دعم النظراء والعائد أثناء جلسات المشورة؛
- يجب إبلاغ قادة المجتمع المحلي والنظراء بخصوص المجموعة وإشراكهم قدر المستطاع في أنشطة الفريق. ومن شأن ذلك أن يتطلب موافقة قادة المجتمع المحلي؛
- يجب تنظيم جلسات متابعة تقوم على أساس المصلحة وجاهزية الفريق.
وتتمثل أهداف اجتماعات دعم النظراء في تقاسم التجارب والخبرات، ومناقشة الموضوعات ذات الصلة بالعودة وإعادة الإدماج، وتقديم وتلقي الدعم31.
كتل العائدين في سري لانكا
في سري لانكا ظل العديد من العائدين بعيدين عن بلدهم الأصلية لفترات طويلة من الزمن ولهم اتصالات محدودة بالموردين وسائر المقاولين والقطاع الخاص في مجتمعاتهم المحلية. وذلك يمكن أن يعرقل استدامة مشاريعهم.
ومنذ عام 2007 يقيم مكتب المنظمة الدولية للهجرة في سري لانكا شراكة مع جمعية شبكة CEFE NET (شبكة الاقتصادات القائمة على الكفاءات من خلال التدريب على ريادة الأعمال)، وهي جمعية سريلانكية التي لا تهدف إلى الربح وتوفّر التدريب ترمي إلى تطوير المهارات في مجال المشاريع للمهاجرين العائدين من بلدن مختلفة وتقدم المساعدة من خلال مشاريع متنوعة.
ومنهاج التدريب على تطوير المهارات في مجال المشاريع تفاعلي جداً ومكيف لتلبية احتياجات العائدين وخلفياتهم ومهاراتهم. وهو يرافقهم طوال الوقت من خلال مختلف مراحل إنشاء المشروع وتوسيعه، بالجمع بين دورات تطوير المهارات الدراسية والدعم العملي. وتتألف الدورات الدراسية من مجموعات تضم ما بين 20 و30 عائداً.
ومنهاج التدريب تم مؤخراً تعزيزه لمساعدة العائدين المشاركين في مشاريع تجارية مماثلة على تكوين كتل. وتساعد هذه الكتل العائدين على تطوير رأسمالهم الاجتماعي وشبكتهم للنظراء من خلال اجتماعات منتظمة وآليات تعاون. وعلى سبيل المثال فإن كتل الزراعة والنقل في جافنا تعمل معاً عن كثب ثم تقوم بنقل وبيع المنتجات الزراعية. والانتماء إلى كتلة يُحدث منافع اقتصادية مباشرة من قبيل تحقيق وفورات الحجم لدى شراء السلع والخدمات بشكل جماعي، وتحسين القدرة على التفاوض مع المنظمات المنتجة أو مؤسسات الإقراض، وتبادل النصائح فيما يتصل بإدارة المشاريع وديناميات السوق إجمالاً. وهذه الكتل تعمل أيضاً كآلية متابعة للتخفيف من مخاطر العزلة ما أن تنتهي المساعدة. وبهذه الطريقة فإنها تشجع استدامة المشاريع التجارية.
وقادة ونواب الكتل، الذين ينتخبهم لمدة 12 شهراً أعضاء كتل مدربون خصيصاً لتعزيز مهاراتهم القيادية ومعارفهم فيما يتصل بكيفية إقامة العلاقات مع الشركاء والموردين، والحفاظ على روح العمل الجماعي فيما بين أعضاء الكتل، ومساعدة الأعضاء الذين يواجهون تحديات معينة. وتقوم المنظمة الدولية للهجرة بانتظام بعمل المتابعة مع أعضاء الكتل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الإرساليات.
استهداف المناطق التي تعود إليها أعداد كبيرة من المهاجرين ولها مصالح تجارية مشتركة.
3.5.3 الشبكات المجتمعية
يمكن أن يلعب التعبير الثقافي والفني والبدني أدواراً هامة في دعم العائدين والمجتمعات المحلية في إقامة روابط اجتماعية أو تحسين الروابط ومكافحة الوصم الاجتماعي أثناء عملية إعادة الإدماج. وهذه التدخلات تسلّم بأن ثقافة العائدين وتجاربهم ومعارفهم ومهاراتهم قد تغيرت نتيجة لتجربة الهجرة وتقاسم هذه التجارب والمعارف والمهارات يمكن أن يساعد على بناء شبكات مجتمعية أكثر دعماً. ورواية القصص والمسرح والفنون البصرية والموسيقى والرقص والرياضة يمكن أن تكون جميعها أدوات قوية جداً للتبادل. ويمكن أن يكون لها تأثير كبير محتمل على إعادة الإدماج والوئام الاجتماعي ورفاه الأفراد.
أما على المستوى الفردي فإن هذه الأنشطة تساعد على التخفيف من حدة الإجهاد والقلق وتشجع الوعي بالذات والثقة بالنفس. وبإمكانها، داخل مجموعة من الناس، أن تخلق روابط متينة وتحطم الحواجز عن طريق مناقشة المسائل العويصة من خلال استخدام الاستعارات، وكلّ ذلك في أماكن آمنة. وعلى المستوى المجتمعي يمكن أن تعطي الفنون التعبيرية صوراً إيجابية وتزيد من فهم العائدين. وبالتالي فإنه من الأهمية بمكان أن يقوم مدير الحالة بما يلي:
- تحديد ومسح الجمعيات والمجموعات القائمة في مجتمعات العودة المحلية الرسمية وغير الرسمية في مجالات المسرح والفنون البصرية والموسيقى والرقص والرياضة وغير ذلك من الاهتمامات؛
- توعية هذه المجموعات والجهات المعنية باستخدام المعلومات عن الاحتياجات وما قد يجود به العائدون من موارد إبداعية؛
- إبراز العائدين الذين لهم اهتمامات مبدعة محتملة أثناء المشورة؛
- إحالة العائدين إلى هذه المجموعات بالاستناد إلى اهتماماتهم؛
- تحديد الدعم اللازم للمبادرات المبدعة التي تشمل العائدين، من خلال المِنح والإشهار وما إلى ذلك.
والاعتماد على الشراكات القائمة من خلال عمليات الإحالة أو القائمة بشكل مستقل، بإمكان منظمة المساعدة على إعادة الإدماج الرائدة أن تدعم التظاهرات (مثل المعارض وملتقيات القراءة ورواية القصص والعروض الفنية والتظاهرات الرياضية) التي تُبرز إبداع العائدين ومهاراتهم إلى جانب إبداع ومهارات أفراد المجتمع المحلي. وعلى سبيل المثال الألعاب الرياضية التي تشمل العائدين وغير المهاجرين لا تجمع فقط بين اللاعبين وإنما تجمع أيضاً بين المشاهدين من المجتمع المحلي. وفهم هذه الأفضليات المحلية في الأنشطة الثقافية والفنية والجسدية يمكن أن توجه القرارات بشأن ما هو مناسب وملائم ويستحق الدعم.
رواية القصص
رواية القصص أداة فعالة لتوعية المجتمعات المحلية وتشجيع التماسك الاجتماعي من أجل إعادة إدماج المهاجرين العائدين. وهي أقدم وأيسر شكل من أشكال التوعية ولها تأثير عاطفي على كل من الرواة والمستمعين. والقصص التي تروي التجارب يمكن أن تخلق فهماً ويمكن أن تكون لها القدرة على توحيد الناس في سياق سردها. وهي تعمل على مستوى عاطفي عميق وتعود بالنفع على جميع المشاركين: وليس المستمع هو الوحيد الذي يتعلم وإنما أيضاً الراوي الذي يصبح واعياً بأهمية تجاربه وخلفياته الفريدة من نوعها.
ويمكن تنظيم رواية القصص كنشاط جماعي أو كتظاهرة جماعية بما يشمل العائدين وأسرهم ومجتمعاتهم المحلية. والعائدون الذين يشعرون بميل شديد بإمكانهم أن يتحدثوا ليس فقط عن العراقيل وإنما أيضاً عن الشجاعة والمهارات والدروس المستفادة التي يمكن نقلها إلى المجتمع المحلي.
ورواية القصص يمكن أن تكون شفوية أو في شكل فيديو أو في شكل قراءة قصص. ويمكن أن يقوم ميسّر بمساعدة العائدين على حبك قصصهم في رواية مختلفة بتقاسمها مع عامة الجمهور. ووسائط الإعلام الرقمية ما انفكت تلعب دوراً مؤثراً بشكل متزايد في بلورة تصورات ونتائج عمليات الهجرة ويمكن تقاسمها على نطاق واسع وبسهولة بين مختلف الحاضرين. والرواية الرقمية، من خلال الصور والصوت والموسيقى، لا تتطلب معارف تقنية أو مهارات فائقة ويمكن أن توفر لكل من العائدين ومجتمعاتهم الأصلية فرصاً لتعلم مهارات جديدة. والمخبر الرقمي لرواية القصص يمكن أن يجمع بين أفراد المجتمع المحلي والعائدين ويعزز التماسك الاجتماعي. والمزج بين فن رواية القصص وممارسة استكشاف المعنى من خلال الصورة يمكّن كل عائد من المشاركة في تذكر قصته وإعادة بلورتها وعرضها.
لإعطاء رواية القصص قيمة إضافية يمكن أن تشمل الحلقة التدريبية ليس فقط العائدين وإنما أيضاً أفراد المجتمع المحلي، ويجب أيضاً أن تعطي الصوت والصورة ليس فقط لقصص أولئك الذين غادروا ثم عادوا من جديد وإنما أيضاً لقصص أولئك الذين لم يهاجروا.
عروض درامية تروي تجارب المهاجرين العائدين
عرض تجارب العائدين في مسرحيات أو أفلام يكتبها ويمثل فيها العائدون أنفسهم هو شكل من أشكال الدعم النفسي – الاجتماعي وأداة لتوعية المجتمع المحلي. وهذا الأمر يمكّن العائدين من أن يصبحوا أبطال قصصهم. وهو يعزز الشعور بالسيطرة على الأمور ويقلل من مشاعر العجز؛ ويمكن أن يكون له تأثير على الجمهور أيضاً إذ يغير تصوراته بخصوص الهجرة العائدة. وتحت إشراف كاتب المسرحية ومخرجها تكتسب حلقات التدريب على الكتابة والتمثيل القدرة على تشجيع تماسك المجتمع وتيسير إعادة الإدماج.
المنشورات المسرحية
يمكن استيحاء مثال آخر من أمثلة عرض تجارب العائدين من المنتدى المسرحي. فمن خلال هذا الأسلوب تطرح مشكلة لم تجد حلاً تزعج فرداً ما على رُكح مسرح ويشارك متفرجون في العرض بشكل تفاعلي. ويُكرر المشهد مرتين وأثناء إعادة المشهد، التي يتولّاها مقدم للعرض أو منشط (هو خبير أيضاً في تنسيق التفاعلات)، بإمكان أي فرد من أفراد الجمهور وقف المشهد في أي لحظة والتقدم وأخذ مكان الشخصية المضطهدة أو المظلومة وبيان كيف يمكن تغيير الوضع للخروج بنتيجة مختلفة. والمشاركة الحيوية على الرُكح إذ تكسر الحواجز بين الممثل والجمهور شديدة المفعول ولها آثار تحويلية على جميع الأشخاص في المسرح. وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن تظهر حلول عملية ومتبادلة للمشاكل بشكل عام.
والمشهد هو عادة نتيجة حلقة عمل لمدة بضعة أيام مع مجموعة من الأشخاص الذين تجمع بينهم حالات مماثلة من قبيل المهاجرين العائدين. والمنتديات المسرحية بشأن المشاكل التي يواجهها العائدون يمكن أن تحسس المجتمعات المحلية بهذه المشاكل وتساعد العائدين والمجتمعات المحلية على خلق روابط وإيجاد حلول بطريقة مبدعة وتشاركية.
الحوار مع الأسرة والمجتمع المحلي في غانا
تُجري المنظمة الدولية للهجرة في غانا، منذ عام 2016، مناقشات أفرقة تركيز لتوعية أفراد المجتمع المحلي وأقارب العائدين بخصوص الصعوبات التي يواجهها العائدون لدى عودتهم، كيما يتسنى لهم لعب دور إيجابي في إعادة إدماجهم وتفادي الإسهام في وصمهم وتهميشهم وعزلهم.
وأفرقة التركيز هذه تضم عادة مجموعات صغيرة من قرابة 20 شخصاً، من بينهم قادة الرأي والعائدون وأفراد الأُسر وأفراد المجتمع المحلي. وتبدأ الدورات عادة بقيام موظفي المنظمة الدولية للهجرة بتقديم عرض موجز للخلفية وسبب التجمع وما يتوقع منه. ويتم، عند الاقتضاء، تقاسم المعلومات الأساسية عن التحديات العامة التي يواجهها العائدون من قبيل تجارب الهجرة الصعبة وعودة المهاجر خالي الوفاض أو شعوره بأنه خيّب آمال أسرته ومجتمعه المحلي. وتُطرح على المجموعة أسئلة لإثارة النقاش وتوجيهه نحو موضوعات ذات اهتمام وطرحها على المجموعة. ويقوم العائدون، متى رغبوا في ذلك، بتقاسم تجاربهم.
وهذا التبادل يمكن أن يولّد فهماً أفضل لتحديات إعادة الإدماج التي يواجهها العائدون. وتوفر أفرقة التركيز لأفراد الأسرة والمجتمع المحلي عمق نظر في الدعم الذي يمكن أن يقدموه لأقاربهم ونظرائهم. وتتيح المناقشات أيضاً فرصة للتفكير في أي تحيز عن غير وعي يمكن أن يقوض إعادة إدماجهم. ولما كان العائدون مدعوين إلى التعبير بحرية عن مشاعرهم وتقاسم تجاربهم مع أفراد الأسرة والمجتمع المحلي فإن لأفرقة التركيز هذه أيضاً وظيفة علاجية شافية يمكن أن تساعد العائدين على إقامة الروابط مجدداً مع أوساطهم الاجتماعية.
وتساعد البرامج الإذاعية على إشاعة مناقشات أفرقة التركيز. وإشراك قادة الرأي والسلطات المحلية يعزز أيضاً التحكم في هذه الأنشطة على الصعيد المحلي.
تحديد أماكن ومواعيد إجراء مناقشات أفرقة التركيز في المناطق ذات نسبة التنقل العالية أو الأماكن المرئية التي يمكن الوصول إليها بسهولة.
31 لمعرفة المزيد عن كيفية تنظيم هذه الكتل يمكن الرجوع إلى الدليل التالي: www.mind.org.uk/media/17944275/ peer-support-toolkit-final.pdf..
- السابق
- 3.5/3.5