تركز المساعدة على إعادة الإدماج الاجتماعي على مستوى المجتمع المحلي على تحسين سبل الوصول إلى الخدمات الاجتماعية في مجتمعات العودة وتوافر هذه الخدمات. ويمكن أن يعود ذلك بالنفع على كل من العائدين وأفراد المجتمعات المحلية. وهذا الأمر مستصوب جداً عندما تكون هناك حواجز مادية أو لغوية أو غير ذلك من الحواجز التي تحول دون حصول العائدين على الخدمات في المجتمعات المحلية المحددة التي تشهد نسبة عالية من العودة أو حيثما تعجز دوائر الخدمات في هذه المجتمعات المحلية عن تلبية احتياجات العائدين وأفراد المجتمع المحلي المحددة وهشاشة أوضاعهم.
وتقدم الوحدة 2 استعراضاً عاماً للخدمات التي هي مهمة للغاية لأغراض إعادة الإدماج المستدامة على المستوى الفردي، بما في ذلك السكن والتعليم والتدريب والعدالة والصحة والرفاه وغير ذلك من خدمات البنى التحتية العامة من قبيل الماء والطرقات. وإلى جانب دعم فرادى العائدين على الحصول على هذه الخدمات بإمكان منظمة إعادة الإدماج الرائدة أن تعمل من أجل زيادة إتاحة وتوفير هذه الخدمات في مجموعات محلية محددة تسجل نسباً عالية من حالات العودة. وتجدر الإشارة إلى أن الوحدة 4 تغطي دعم توفير الخدمات وشبكات الإحالة وإمكانية الوصول إلى الخدمات فيما يتعدى مجتمعاً محلياً ما.
والمساعدة على إعادة الإدماج الاجتماعي على مستوى المجتمع المحلي لا تقتصر على مساعدة العائدين على الوصول إلى الخدمات التي يحتاجونها وإنما بإمكانها أيضاً أن تعود بالنفع على أفراد المجتمع المحلي الآخرين الذين لهم احتياجات أو مواطن ضعف مماثلة. وبشكل خاص، عندما تتسبب الأعداد الكبيرة من العائدين في ضغوط على الخدمات، يمكن أيضاً أن يساعد توفير خدمات الدعم للمجتمعات المحلية ذات النسب العالية من حالات العودة على التخفيف من حالات التوتر والأسباب المحتملة للنزاعات التي تنشأ عندما تعود مجموعات كبيرة من العائدين إلى نفس المجتمع المحلي.
وملامح المجتمعات المحلية والتقييمات المحددة يمكن أن تكشف عن مشاكل توفير الخدمات الاجتماعية في المجتمعات المحلية المستهدفة أو حالات التوتر الناشئة عن محدودية فرص الوصول إلى الخدمات. ومشاريع إعادة الإدماج الاجتماعي المجتمعية الأساس تكون ناجحة للغاية عندما تنشأ المشاريع بشراكة مع جهات محلية صاحبة مصلحة وعندما يكون القادة المحليون على استعداد للإمساك بزمام الأمور.
وفيما يلي بعض الاعتبارات لتعزيز إمكانية الوصول إلى الخدمات الاجتماعية وتوفيرها على مستوى المجتمع المحلي في القطاعات الأكثر صلة بإعادة الإدماج المستدامة:
- مكان الإقامة . الأعداد الكبيرة من العائدين إلى مجتمع محلي ما يمكن أن ترهق توافر السكن بالنسبة لجميع أفراد المجتمع المحلي. ويمكن أن يستفيد المُلاك من العائدين والدخول في اتفاقات استغلالية. وفي هذه الحالات يمكن أن تتوخى منظمة إعادة الإدماج الرائدة نهجاً استباقياً لتثقيف الملاك وغيرهم من أصحاب المصلحة ذوي الصلة (مثل السلطات المحلية) بخصوص الحواجز التي تعترض العائدين عند البحث عن سكن وكيفية مزيد توفير إمكانية حصولهم على سكن. وكما ورد وصف ذلك في الفرع 1.5.2 فإنه بإمكان منظمة إعادة الإدماج الرائدة مساعدة العائدين على الحصول على سكن عن طريق توفير ضمانات. وهذا يمكن أن يكون أيضاً خياراً على المستوى الجماعي إذا ما وجدت مجموعة من العائدين سكناً جماعياً.
وعندما يكون هناك افتقار عام للسكن اللائق في المجتمع المحلي بإمكان منظمة إعادة الإدماج الرائدة النظر في توسيع نطاق توافر السكن لجميع أفراد المجتمع المحلي، بمن فيهم العائدون. ويتعين على منظمة إعادة الإدماج الرائدة العمل مع السلطات المحلية لاستنباط حلول مناسبة محلياً، ولا سيما بخصوص مسائل من قبيل توزيع الأراضي ومعالجة احتياجات جميع من يحتاجون إلى سكن. - التعليم والتدريب. لما كان يتعين أن يكون الوسط التعليمي والتدريبي آمناً وسليماً ويوفر الحماية من التهديد أو الأذى للجميع فإن المدارس وسائر المؤسسات التعليمية الأخرى تلعب دوراً هاماً في تعزيز رفاه المجتمع المحلي. وتدريب المدرسين والمعلمين على استخدام تقنيات التأديب وتسوية الخلافات الإيجابية التي تشجع التسامح وتفهّم الآخرين يمكن أن يحسّن كلاً من التماسك الاجتماعي وسير أمور المجتمع المحلي، إضافة إلى المواقف تجاه تقبّل العائدين.
والمدرسون والمعلمون بحاجة إلى أن يكونوا على وعي بالإشكاليات في أوساط التعلم التي قد تنطوي على تحديات بالنسبة للعائدين (مثل تحديات التعلم بسبب تجارب الماضي البائسة وتأثيرها على قدرتهم على التركيز واستيعاب المعلومات الجديدة والانخراط اجتماعياً في بيئة التعلم). وهذا يمكن أن يعني أيضاً مساعدة المعلمين على التعلم لتفسير هذه المسائل للجميع، بمن في ذلك السكان غير المهاجرين. وبشكل خاص، يجب توعية المؤسسات المدرسية وغير ذلك من مؤسسات التعليم أو التدريب، بالحواجز القائمة أمام التعليم والتي يمكن أن تشمل ما يلي:
- المتعلمون الذين لا يتحدثون لغة التدريس أو لهم معرفة محدودة باللغة؛
- الرسوم المدرسية الباهظة أو التكاليف الأخرى المرتفعة المتصلة بها؛
- عدم تلاؤم التسجيل في المدرسة مع مستوى تعلّم الطالب؛
- الالتحاق في منتصف السنة الدراسية أو بعد بداية برنامج تدريب؛
- التكيف مع أسلوب تعلّم وتعليم مختلف (مثلاً بسبب الاختلافات الثقافية أو التربوية).
- الصحة والرفاه. تـأمين وتوفير خدمات صحية بنوعية جيدة هما في بعض الأحيان مبعث قلق رئيسي ليس فقط لدى العائدين وإنما أيضاً في المجتمعات المحلية. ويمكن أن توفر المشاريع دعماً مباشراً لاحتياجات صحية محددة عن طريق تدريب موفري الرعاية الصحية وتوفير المعدات والمواد للخدمات الصحية أو إصلاح البنى التحتية للرعاية الصحية في مجتمعات محلية محددة. وبالاستثمار في خدمات رعاية صحية من نوعية جيدة يمكن أن تتحسن النواتج الصحية لجميع أفراد المجتمع المحلي وليس فقط للعائدين وحدهم. وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن تحسّن المساعدة المجتمعية الأساس نوعية المعلومات بشأن المسائل الصحية وكذلك الخدمات والمعدات لتوفير الرعاية الصحية. والمواد المتعلقة بالخدمات الصحية يجب أن تتضمن معلومات ورسائل تعكس المشاغل المشتركة والاحتياجات ذات الصلة بالصحة في صفوف عامة السكان المحليين، إضافة إلى احتياجات العائدين الخاصة. وهذا هام بشكل خاص عندما تكون هناك حالات أمراض معدية مؤكدة أو مشتبه فيها داخل مجتمع محلي ما أو داخل مجموعة سكان فرعية. وهذه المواد المروجة للصحة يجب أن تتاح على نطاق واسع بأشكال ولغات يمكن أن يفهمها العائدون وأفراد المجتمعات المحلية، مع مراعاة المستويات الثقافية التي يحتمل أن تكون منخفضة والتي تؤثر على مجموعات ديموغرافية معينة أكثر من غيرها.
- البنى التحتية العامة والسلامة.يتوقف عادة الحصول على الخدمات على الهياكل الأساسية الجيدة وقدرة الفرد على الوصول مادياً إلى مكان توفّر فيه الخدمات. وهكذا فإنه يجب أن تكون الطرق وأساليب النقل اللازمة للتردد على المدارس أو عيادات الأطباء أو تجهيز الوثائق والوفاء بجميع عناصر الاستقرار الاجتماعي الأخرى ميسورة وفي المتناول. ويجب أن تكون الطرق آمنة ومأمونة أيضاً وألا تزيد من مفاقمة أية مخاطر عنف واستغلال واعتداء.
إن التدخلات على مستوى المجتمع المحلي والمساعدة على الحد من المخاطر على التنقلات اليومية يمكن أن تشمل تشييد الطرقات أو الإنارة والمماشي والممرات على الطرقات وتشجيع استخدام الأشرطة العاكسة على الملابس أو الحقائب، وتوفير مصابيح ومعدات أخرى واستخدام أو تفادي الأزياء التي يسهل التعرف على هوية حاملها. ويمكن أن تشمل الجهود المجتمعية النقل المنظم مثل الحافلات والمشي في جماعات أو "النهج الإرشادي"، أو استخدام الكبار لمرافقة الأطفال إلى المدارس. وكل هذه الأمور يمكن أن يسهّلها التنظيم المجتمعي الفعال.
والعوامل البيئية هامة جداً لاستقرار المجتمع المحلي. فمن خلال مواجهة التحديات البيئية من قبيل المخاطر الطبيعية أو تغير المناخ أو تردي البيئة، يمكن أن تواجه المجتمعات المحلية تهديدات ومخاطر متنوعة تتراوح بين تهديد السلامة الجسدية والصحة وقلة فرص الوصول إلى الموارد الطبيعية الحيوية، من قبيل مياه الشرب. والتدخلات على مستوى المجتمع المحلي يمكن أن تعالج هذه التهديدات عن طريق تأمين سلامة المجتمعات المحلية واستعدادها لمواجهة الكوارث وقدرتها على الصمود. وفي معالجة التحديات البيئية هناك أيضاً إمكانية توفير "وظائف خضراء". - العدالة والحقوق. يمكن أن يكون من الصعب على العائدين وأفراد المجتمعات المحلية الوصول إلى نظم العدالة أو إعمال حقوقهم، ولا سيما إذا كانوا يفتقرون للوثائق اللازمة لأمور من قبيل التصويت أو ملء الطلبات أو إذا كانوا يخشون مضاعفات بسبب الوصم أو التهميش في المجتمع المحلي. ويمكن أن تعالج منظمة إعادة الإدماج الرائدة هذه المشاكل عن طريق تحسيس الحكومات المحلية والمحاكم وجمعيات المحامين والمسؤولين عن إنفاذ القانون وغير ذلك من الحواجز التي يواجهها العائدون وأعضاء المجتمع المحلي الآخرون. ويمكن أن تعمل منظمة إعادة الإدماج المحلية على إيجاد الحلول. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ الجمع بين أعضاء المجتمع المحلي، بمن فيهم العائدون والجهات المعنية، لمناقشة الحواجز التي تعترضهم معاً وبشكل مباشر يمكن أن يكون مفيداً لبناء الثقة والموثوقية.
مناصرة المجتمع المدني لتيسير إمكانية الوصول إلى الخدمات الاجتماعية
إن دعم المناصرة على المستوى المحلي يمكن أن يساعد على معالجة السياسات والممارسات التمييزية التي تزيد من الحواجز القائمة أمام إعادة الإدماج بالنسبة للعائدين على مستوى المجتمع المحلي. وبشكل عام فإن استراتيجيات المناصرة على مستوى المجتمع المحلي يجب أن تستهدف التغيرات في السياسات العامة والممارسات والقرارات التي تضاعف الحواجز القائمة أمام إعادة الإدماج. وهذه الأنشطة يجب تطويرها مع شركاء المجتمع المدني من قبيل منظمات المجتمع المدني أو الحكومات المحلية ومن الأمثل القيام بها بدعم من منظمة إعادة الإدماج الرائدة. وجهود المناصرة المحلية يمكن أن تكون فعالة للغاية عندما ترافقها استراتيجيات التعبئة والتواصل المجتمعية الأوسع كما ورد وصفها في الفرع 4.3.
واستراتيجيات مناصرة المجتمع المحلي يمكن أن تستهدف السلطات الحكومية المحلية أو المديرين المحليين أو أفراد المجتمع المحلي الرئيسيين الذين لديهم سلطة تغيير سياسات أو ممارسات توفير الخدمات. وهذه الجهات صاحبة المصلحة يجب تحديدها في عملية تقييم المجتمع المحلي (انظر الفرع 1.2.3). ورسائل المناصرة يجب أن تدعو في جميع الأحوال إلى توفير الخدمات الهامة دون تمييز على أساس الجنسية أو الإثنية أو السن أو نوع الجنس أو العجز أو الميل الجنسي أو لأي سبب آخر.
دراسة الحالة 10 :إصالح البنى التحتية في السلفادور
ما انفكت السلفادور تشهد عودة أعداد كبيرة من المهاجرين منذ عام 2015. والسعي إلى فرص اقتصادية أفضل والعنف إجمالاً والتصدعات في النسيج الاجتماعي يبدو أنها الأسباب الرئيسية للمغادرة. ونتيجة لذلك اختار مكتب المنظمة الدولية للهجرة في السلفادور اعتماد استراتيجية شاملة لإصلاح الهياكل الأساسية تشمل إعادة إنشاء مراكز استقبال المهاجرين وترميم البنى التحتية المجتمعية لتوفير بنى تحتية وخدمات مجتمعية تتميز بالشمولية ويسهل الوصول إليها والانتفاع بها.
وبتنسيق مع الحكومة المحلية قامت المنظمة الدولية للهجرة بصقل مراكز استقبال المهاجرين القائمة من أجل تحسين الإحالة ومساعدة العائدين. وبعد تقييم الاحتياجات قامت المنظمة الدولية للهجرة بوضع خطة تدريب لمدة ستة أشهر إلى جانب كل من البلديات والمجتمعات المحلية لمساعدتها على وضع استراتيجيات وخطط عمل لإعادة الإدماج. ومن أجل تحسين ربط الخدمات العامة باحتياجات العائدين أجرت المنظمة الدولية للهجرة دورات مناقشة تفاعلية للموظفين العاملين في المركز، وشملت المناقشة موضوعات رئيسية من قبيل العودة وإعادة الإدماج والهجرة والتنمية المحلية والصحة، من جملة أمور أخرى. وقد أدى ذلك إلى زيادة طاقات مراكز الاستقبال لتقديم المساعدة المباشرة (بما في ذلك المشورة والمأوى) واستخدام فرادى التمحيصات لإحالة المستفيدين إلى الخدمات ذات الصلة.
وبالتوازي مع ذلك، ساعدت المنظمة الدولية للهجرة على ترميم الهياكل الأساسية المجتمعية لاستصلاح المناطق المهجورة سابقاً. وأقيمت شبكات تنوير ومماشٍ ومعابر إضاءة لتحسين الوصول الآمن إلى الخدمات الأساسية مثل المدارس.
وقد تم وضع هذه المبادرات وتنفيذها من خلال نهج تشاركي لتشجيع المشاركة مع المجتمعات المحلية والبلديات. وقد قُدمت هذه المبادرات إلى السلطات المحلية ما أن اكتملت عملية الترميم. ولتوطيد الإمساك بزمام الأمور أنشأت المنظمة الدولية للهجرة لجنة تتألف من أعضاء المجتمع المحلي وممثلي السلطات المحلية. وهذا الفريق العامل منصة تنسيقية لبرمجة وتنفيذ الأنشطة في الفضاءات المستعادة التي يمكن لكافة المجموعات التمتع بها.