المرفق 1: إسداء المشورة لمديري الحالات

يُستخدم هذا المرفق للتوسّع في ما ورد في الفرعين 1.2 و1.6.2 من الوحدة 2، ويقدم توجيهات مفصلة لمديري الحالات بخصوص أساليب إسداء المشورة والأشياء التي يجب فعلها والأشياء التي يجب تفاديها. ويمكن أن يُستخدم أثناء دورات تدريب مديري الحالات أو يمكن أن يُستخدم أيضاً كدليل لفرادى مديري الحالات الفردية الذين يعدون المساعدة التي يقدمونها إلى العائدين. ويغطي الفرع ألف أساليب الاتصال الأساسي لإسداء المشورة. أما الفرع باء فيركز بالتحديد على إسداء المشورة في مجال إعادة الإدماج ويعرض الأساليب النفسية – الاجتماعية التي من شأنها أن تكون ملائمة لهذه الدورات، فيما يعالج الفرع واو بشكل خاص إسداء المشورة فيما يتصل بالمشورة المهنية.

أساليب الاتصال الفعال وتقنيات طرح الأسئلة الملائمة، والإنصات الإيجابي، والاهتمام الإيجابي غير المشروط، ومراقبة وملاحظة السلوك، والحواجز التي تحول دون المشورة الفعالة.

لكي تكون المشورة فعالة يتعين على مدير الحالة توخي التعاطف وتطابق الخطاب والصدق والدقة والاهتمام الإيجابي غير المشروط. ويرد أدناه وصف لهذه المفاهيم ولتطبيقها العملي:

التعاطف

التعاطف هو قدرة "المرء على وضع نفسه في مكان الآخرين"، بما يهدف إلى النظر إلى العالم بأعين الشخص الآخر. وأخذ وجهة نظر الشخص الآخر بعين الاعتبار دون النظر إليه بعدسات شخصية، يسمح بتفادي اتخاذ موقف ينطوي على إصدار حكم تقييمي وتيسير فهم أعمق.

ومن المهم إبراز أن التعاطف هنا يُقصد به القدرة على "الإحساس بشيء مماثل" لما يحس به شخص آخر. ولا يعني معرفة حالته أو شعوره بالتحديد. وهذا فرق بيّن هام. ومن أمثلة النهج المتعاطف في إسداء المشورة ما يلي:

  1. لقد كان من الصعب جداً بالتأكيد أن يمر الإنسان بمثل هذه الأحداث.
  2. أفهم تماماً أنك تشعر بالغضب لما حدث لك.
  3. أرى أنك تجد صعوبة في الحديث عن تجربتك.
  4. الجلوس في صمت ببساطة والإنصات للشخص الآخر وهو يعبّر عن مشاعره أو يجهش بالبكاء.

الشكل ألف.1: عناصر التعاطف

تقدير الشخص ككائن بشري
النظر إلى العالم بأعين الشخص الآخر
إبداء التفهم
فهم مشاعر الشخص الآخر
عناصر التعاطف الأربعة

لا يكفي أحياناً إظهار التعاطف؛ بل إنه من الهام أيضاً القدرة على نقل مشاعر التعاطف.

فيما يلي أمثلة لـ نقل مشاعر التعاطف في إسداء المشورة:

  1. أحاول أن أتصور كيف تشعر الآن. ولا يسعني إلا أن أتصور ...
  2. ساعدني على فهم الطريقة التي يمكنني مساعدتك بها
  3. أرى أنك تفكر في بعض الخيارات
  4. ألاحظ أنك تسعى جاداً إلى إيجاد حل
 
  • التعاطف (Empathy) يختلف عن العطف (sympathy). في حين أن التعاطف يعني "تفهّم" مشاعر شخص فإن العطف يعني "تقاسم" مشاعر الشخص والوقوف إلى جانبه. والتعاطف هو النهج السليم عندما يتعلق الأمر بالمشورة. وبصيرة مدير الحالة وبُعد نظره قد يتأثران إذا اقترب أكثر من اللزوم من قصة العائد. والعطف يمكن أن يدفع بمدير الحالة إلى اعتقاد أنه يتعين عليه تحمّل المسؤولية عن صعوبات المهاجر العائد فيقدم له وعوداً كاذبة أو يخلق لديه تطلعات خاطئة.

فيما يلي أمثلة للنهج القائم على العطف في إسداء المشورة:

  1. مسكين أنت ... مشكلتك صعبة جداً يستعصي حلها!
  2. أنا مندهش ... إنه لمن المروّع أن يكون هذا الشيء قد حدث لك.
  3. كُن على يقين من أنني إلى جانبك وأحس بصعوبة وضعك.
  4. أنا آسف، أنا متأسف لما حدث لك!
  • وبالإضافة إلى ذلك يجب ألا يكون مسدي المشورة غير مكترث أي ما يعني حرفياً "عديم المشاعر" وغير مكترث وغير قادر على إظهار الاهتمام أو المشاركة أو التحفّز. وتوخي نهج غير مكترث يجعل الشخص الآخر يشعر بأن مقدم المشورة لا يُنصت إليه ولا يفهمه، تاركاً إيّاه وشأنه.

ومن أمثلة النهج غير المكترث في إسداء المشورة ما يلي:

  1. هذا الأمر لا يهمني ...
  2. أنا ... لا أدري إذا كان من الممكن إيجاد حل لمشكلتك.
  3. هل لك أن تتكلم بسرعة؟ لدي شخص آخر لا بد لي من مقابلته
  4. واصل ... أنا أسمعك ... أنا فقط بصدد كتابة إيميل ...

باختصار:

يعني التعاطف قبول وجهة نظر الشخص الآخر والاهتمام باستكشاف تأثير ذلك على سلوكه. والعطف يعني الشعور بالأسف تجاه الشخص الآخر. وعدم الاكتراث يعني عدم الاهتمام كثيراً بالشخص الآخر فيما يتعدى مجرد متطلبات العمل الواجب القيام به.

انسجام الأقوال والصدق

هذا يعني إخلاص وصدق مقدّم المشورة الذي لا يقوم بتمثيل دور وإنما يحاول أن يكون صادقاً ووفياً لنفسه وللعائد. وتطابق الأقوال يجنّب النهج المحفوف بالمخاطر المتمثل في النظر إلى مقدم المشورة على أنه خبير ينظر إلى المهاجر العائد نظرة ازدراء وتعالٍ. والتطابق في القول حيوي أيضاً للحصول على الثقة، التي هي المكون الأساسي لأي علاقة مساعدة. إذا ما تصرّف مقدم المشورة وأبدى مشاعره بطريقة مطابقة لأقواله وبصدق فإن ذلك يجعل المهاجر العائد يشعر بالراحة ويسمح له بأن يكون منفتحاً وصادقاً مع نفسه.

فيما يلي أمثلة لـ "الموقف المنسجم" في إسداء المشورة:

  1. ليس لدي أي حل جاهز لكن دعنا ننظر في الأمر معاً.
  2. لا بد لي من الاعتراف بأنه من النادر الاستماع لقصص مثل قصتك
  3. أنا آسف ... لا أفهم ما تريد أن تقوله: هل لك أن تقول ذلك بعبارات أخرى
  4. قد أبدو لك فاتراً ولكن صدقني أن هنا للاستماع إليك تماماً.

الدقة

الدقة هي القدرة على نقل الأرقام والوقائع والمعلومات التي يمكن أن تساعد المهاجر على تكوين فكرة أشمل عن الوضع. والمهاجرون أحياناً لا يمتلكون معلومات واضحة عن أوضاعهم الحقيقية ويعتمدون على الشائعات أو الافتراضات. والدقة تمكّن مسدي المشورة من المساعدة على تحديد المعلومات الخاطئة أو الثغرات في المعلومات ومساعدة المهاجر على تكوين صورة أكثر واقعية عن الوضع. وتساعد الدقة العائد على التركيز على موضوعات محددة والتقليل من الغموض وتوجيه الطاقات نحو مسارات أكثر جدوى لحل المشاكل.

ومن أمثلة الدقة في إسداء المشورة من جانب موفّر المشورة ما يلي:

  1. قد قلت إنك تريد فتح مخبزة لأنك تحب هذه المهنة. ولكن قلت أيضاً أنك لم تعمل أبداً في هذا الميدان، هل هذا صحيح؟ وما الذي تحتاج إلى فعله في رأيك للاستعداد لمواجهة التحديات؟
  2. لقد قلت إنك ترغب في الحصول على دعم مالي من المنظمة ... أنا أفهم أن ... هل لديك خطة للكيفية التي ستنفق بها الأموال؟
  3. المشروع الذي تصفه ليس واضحاً بما فيه الكفاية للحصول على تمويل: هل يمكن أن تصفه بمزيد من التفصيل؟

التواصل الفعال

التواصل هو عملية تبادل المعلومات والأفكار والمشاعر بين الأشخاص عبر سبل مختلفة: الكلام أو الكتابة أو استخدام لغة الجسد. ويكون التواصل فعالاً عندما يتلقى شخص ما المحتوى المنقول – الأسئلة والبيانات والأجوبة – بالطريقة المراد أن يتلقاها ويفهمها بها.

وبالتالي فإن أهداف التواصل الفعال تشمل خلق تصوّر وتفهّم مشتركين.

ومن أمثلة ذلك، من جانب مسدي المشورة، ما يلي:

  1. هل تظن أن لدي الآن جميع المعلومات التي أحتاج إليها لمساعدتك?
  2. هل هناك أي شيء آخر تريد أن تضيفه؟
  3. هل هناك أي سؤال آخر تعتقد أنه يجب عليّ أن أطرحه عليك؟

التواصل الفعال ليس فقط مجرد ألفاظ وإنما يستتبع ما يلي:

  • لماذا قيلت تلك الألفاظ – النية وراء ما قيل؛
  • كيف قيلت تلك الألفاظ – نبرة الصوت والطريقة التي يُستخدم بها الجسد أثناء لفظ تلك العبارات؛
  •  متى قيلت تلك العبارات – في أي سياق وفي أي لحظة.

فيما يلي العناصر التي تجعل من التواصل فعالاً في حالة المشورة:

طرح الأسئلة بالشكل الملائم

للحصول على المعلومات لا بد من انطلاقة جيدة والحفاظ على استمرار الحوار ولا بد أيضاً من إيلاء الاهتمام اللازم لمسألة طرح الأسئلة. طرح أسئلة مفتوحة – من قبيل "حدثني عن ..." – يساعد العائد على التعبير عن نفسه ويوجه الحوار الذي لولا ذلك قد يظل غامضاً وبدون عنوان.

ومن الأساسي بطبيعة الحال التأكد في جميع الأوقات من أن المعلومات الرئيسية مفهومة بالشكل الصحيح: يمكن أن يتم ذلك، مثلاً، عن طريق تكرار الرسائل الأساسية باستخدام عبارات المهاجر العائد:

أمثلة:

  • المهاجر – أعيش مع عائلتي المتألفة من سبعة أشخاص ... أخوان وأختان ...
  • مقدم المشورة – قلت أخوين هل هذا صحيح؟
  • المهاجر – نعم ... أخوان ... الأول عمره 15 عاماً والثاني 17 ...
  • مقدم المشورة – آه ... أخ عمره 15 عاماً والثاني عمره 17 ...
  • المهاجر – لقد كنت أشكو من صداع رهيب وكنت أعاني من كوابيس في أوروبا ...
  • مقدم المشورة – صداع ... كم دام هذا الصداع؟
  • المهاجر – سأتعرض للاضطهاد لو عدت إلى بلدي.
  • مقدم المشورة – ماذا تعني عندما تقول سأتعرض للاضطهاد؟
  • المهاجر – لقد تركت أخي الصغير خلفي.
  • مقدم المشورة – أخوك الصغير ... كم عمره؟

الإنصات الإيجابي

الإنصات الإيجابي هو القدرة على الانفتاح على الشخص الذي يتحدث، والانتباه والتركيز على الرسائل التي يريد إيصالها. والإنصات الإيجابي يعني أنه لا يكفي فقط مجرد الاستماع والإصغاء وإنما من المهم جعل العائد يشعر بأن ما يقوله مفهوم. ويلعب مقدم المشورة دوراً نشطاً في عملية الإنصات ويمكن أن يتجلى ذلك من خلال ما يلي:

  • استخدام حركات ولغة جسد من قبيل الإيماء بالرأس والابتسامة؛
  • استخدام التوكيد اللفظي كاستخدام عبارات من قبيل "نعم" و"حسناً" و"طيب"؛
  • طرح أسئلة وجيهة تتعلق بما قاله لك العائد لاستيضاح فهمك لما قاله؛
  • إعادة التعبير بكلمات أخرى عمّا قاله لك المهاجر؛
  • تلخيص نقاط النقاش الرئيسية.

الاستيضاح

يعني الاستيضاح طرح أسئلة لمزيد فهم ما قيل. والغرض من ذلك هو التقليل من سوء الفهم وضمان أن فهم ما يقال صحيح. ويتمثل غرض آخر من الاستيضاح في طمأنة المتحدث من أن المستمع مهتماً حقاً وأنه يحاول فهم ما يقال.

أمثلة للاستيضاح:

  • المهاجر – أين يمكنني الحصول على ما يلزم لإحضار طعام طفلي؟
  • مقدم المشورة – ماذا تعني بما يلزم لإحضار الطعام؟
  • المهاجر – أريد أن أعمل ... أريد حضور درس ...
  • مقدم المشورة – عندما تقول "أريد أن أحضر درساً" هل تعني أنك تريد حضور درس لتعلّم مهارات مهنية؟

يمكن استهلال طلب التوضيح بجمل من قبيل:

"لست متأكداً تماماً من أنني أفهم جيداً ما تقول".
"لا أظن أنني فهمت المسألة الرئيسية هنا". "عندما قلت [...] ماذا كنت تعني بذلك؟"
"هل لك أن تكرر ما قلت ...؟"

إعادة صياغة عبارات بكلمات أخرى

تعني إعادة صياغة عبارات بكلمات أخرى تكرار ما قيل بعبارات وألفاظ شخصية في شكل مقتضب.

أمثلة لإعادة صياغة التعابير والجمل:

المهاجر – لقد أضعت وثائقي في محطة القطارات وعندما توجهت إلى مكتبكم ساعدني زميلكم على الحصول على وثائق جديدة
مقدم المشورة – آه حسناً! إذن فإن زميلي ساعدك على تعويض وثائقك المفقودة ...

المهاجر – لا أدري ما إذا كان من الأفضل أن أبقى هنا أو أن أنتقل إلى قرية أخرى ...
مقدم المشورة – لديك شكوك بخصوص ما إذا كنت تريد أن تبقى هنا أو أن تنتقل إلى مكان آخر ... هل هذا صحيح؟

يمكن إعادة صياغة ما قيل بجمل من قبيل:

... أنت تقول إن ...
هل أنت تعني أن ...؟
هل أنا على حق إذا قلت إنك ...
إذن، بعبارة أخرى ...
آه، حسناً ... أنت تريد أن تقول ...
فهمت: أنت تقصد ...
دعني أتأكد، هل أنا فهمتك فهماً صحيحاً ... أظن أنك تريد أن تقول ...
إذا فهمتك جيداً فإن ...

التلخيص

التلخيص هو شبيه جداً بإعادة الصياغة بعبارات أخرى في ما عدا أنه يستلزم وقتاً أطول ومزيداً من المعلومات. وهو يشمل: نقل الرسالة الرئيسية للقصة وإعادة صياغة بيان أطول في شكل أقصر وأكثر مباشرة.

يمكن استهلاله بعبارات من قبيل:
"إلى حد الآن تحدثنا عن ..."؛ "دعني أُلخص ... أنت قلت لي إن ..."

أمثلة للتلخيص:

"دعيني أجمّع كل المعلومات التي تقاسمتها معي ... لقد قلتِ إن لك بنتاً وإنك اعترضتكِ صعوبات في التعامل معها ... وإن لكِ زوجاً لا يساعدك وينحاز إلى جانبها ... وأنكِ تعيشين مع حماتك في بيت صغير ... هل هذا صحيح؟ هل أنا فهمتك فهماً صحيحاً؟"

بالاستناد باستمرار إلى "الإنصات الإيجابي" فإن مقدّم المشورة يُظهر تفهماً وتعاطفاً مع قصة العائد ومشاعره المتصلة بها، ولكن ذلك يسمح في نفس الوقت للعائد بالشعور بالمسؤولية عن وضعه الشخصي وإعادة إدماجه.

والإنصات الإيجابي لما يقال يعني ضمنياً  احتراماً إيجابياً غير مشروط  للعائد وما يقوله و مراقبة وملاحظة السلوك. فماذا تعني هذا المواقف يا ترى؟

الاحترام الإيجابي غير المشروط

يعني الاحترام الإيجابي غير المشروط تجنّب أي موقف فيه حكم على المهاجر العائد وعدم فرض شروط مسبقة لقبوله ونظرته الذاتية بالضرورة للعالم. ويعني أيضاً إبداء اهتمام صادق ومحايد بالعائد. وهذا يعني أنه حتى إذا كانت وجهة نظر مقدم المشورة تختلف جذرياً عن وجهة نظر المهاجر العائد فإن مقدم المشورة يحترمها ويقبل بها.

مراقبة السلوك وملاحظته

يعني ذلك الانتباه إلى ما يتبادله المهاجر ويهتم به وينشغل به وكذلك مراقبة ما الذي يجري أثناء التفاعل، بهدف خلق وإقامة جو سليم (عدم الاكتفاء بالإشارة إلى المحيط المادي).

وللمساعدة على فهم المراقبة والملاحظة في سياق إسداء المشورة يمكن أن يكون من المفيد الرجوع إلى الرموز التذكرية المختصرة في الإنكليزية "بالأحرف S.O.L.E.R": 

S =  الجلوس باستقامة(Sit squarely)

وهذا يعني الجلوس باستقامة أمام العائد، أي اعتماد وضعية تُظهر الالتزام والاهتمام. وبالجلوس في وضعية متساوية يمكن لمقدم المشورة أن يسأل المهاجر العائد أين يفضّل الجلوس ويأخذ مكانه وفقاً لذلك مما يُعطي المهاجر العائد إمكانية الاختيار بين الجلوس على كرسي أو على الأرض. وهذا يجعل المهاجر يشعر بالاحترام والتساوي مع مقدم المشورة.

O = وضعية مفتوحة (Open posture)

من المهم التساؤل عن الوضعية الملائمة من الناحية الثقافية وإظهار الانفتاح والجاهزية. وفي بعض الثقافات يعتبر جلوس الشخص مكتوف اليدين أو متقاطع الرجلين علامات قلة احترام، في حين أن الوضعية المفتوحة يمكن أن تنم عن جاهزية وانفتاح لما سيقوله المهاجر.

L = التواصل (Leaning)

إن انحناء الجسم الطفيف تجاه المهاجر يدل على الاهتمام بما يقوله. إلا أن الانحناء أكثر من اللزوم إلى الأمام أو اتخاذ تلك الوضعية في وقت مبكر جداً قد يكون فيه نوع من الإخافة والميل إلى الوراء يمكن، بالعكس، أن يعني قلة اهتمام وملل.

=  التواصل البصري (Eye contact)

من الأهمية بمكان النظر إلى المهاجر عند التحدث إليه. وهذا لا يعني التحديق في المهاجر وإنما إقامة تواصل بصري متواتر ولطيف. ومع ذلك من الهام جداً الوعي بالاختلافات الثقافية: ففي بعض الثقافات يُعتبر التواصل البصري غير ملائم. وفي بداية المقابلة من الأفضل تجنّب التواصل البصري المتواتر حتى يألفه الشخص المعني. ومع تقدم مقابلة المشورة يمكن زيادة التواصل البصري لإظهار الاهتمام الكامل.

التحرر من التوتر العصبي (Relax)

أثناء إجراء المقابلة مع المهاجر من الأهمية بمكان التحرر من التوتر العصبي بشكل طبيعي. وهذا يساعد الشخص موضع المقابلة على التحرر من التوتر ومزيد التركيز على الموضوعات قيد المناقشة.

الحواجز أمام التواصل الفعال

التواصل الفعال تيسره أيضاً معرفة ما الذي يمكن فعله وما الذي يجب تجنبه. وفيما يلي بعض الحواجز التي تحول دون التواصل الفعال:

1. الأمر والتسلّط والتكلّف:

  • عليك أن تفعل ما أقول!
  • أسكت!
  • قل لنا كل شيء عن ...

2. الإنذار أو التهديد

  • إذا لم تفعل كذا وكذا فإنك ستواجه عواقب وخيمة ...
  • أن تلتزم بكذا وكذا خير لك ...

3. الحكم على العائد أو انتقاده

  • كان عليك ألا تفعل ذلك ...
  • أن تفعل كذا وكذا خير لك ...
  • لو كنت أكثر حذراً لتجنبت ارتكاب هذا الخطأ ...

4.  إسداء مشورة غير مرغوب فيها (حتى إذا كانت النية منها أن تكون مفيدة وإيجابية)

  • لو كنت مكانك لفعلت ذلك بهذه الطريقة.
  • هذا أفضل فاختره!

5.  منازعة خيارات العائد أو الاعتراض عليها أو التشكيك كفيها:

  • هل فعلت ذلك حقاً؟
  • لماذا قررت المغادرة؟

و:

  • ألفاظ معقدة بشكل مفرط وغير مألوفة وتقنية.
  • الحواجز والمحظورات العاطفية: قد يجد بعض المهاجرين من الصعب التعبير عن أحاسيسهم وقد يعتبرون بعض الموضوعات "خارجة عن الموضوع" تماماً أو محرمة، من الشؤون السياسة والدين والإعاقة (الذهنية والجسدية)، وأي رأي قد يُعتبر غير مستحب.
  • قلة الاهتمام والانتباه وقلة التركيز.
  • الاختلافات في التصورات ووجهات النظر.
  • الإعاقة الجسدية من قبيل مشاكل السمع والصعوبات في الكلام.
  • الحواجز الجسدية التي تحول دون التواصل غير الشفوي. وعدم القدرة على رؤية الحركة والوضعية ولغة الجسد بشكل عام يمكن أن تجعل التواصل أقل فعالية.
  • الاختلافات اللغوية وصعوبة فهم اللهجات واللكنات غير المألوفة.
  • التطلعات والآراء المسبقة التي يمكن أن تؤدي إلى افتراضات خاطئة أو إلى تنميط. فالناس غالباً ما يسمعون ما ينتظرون سماعه عوضاً عن سماع ما يقال فعلياً والتسرع في الخلوص إلى استنتاجات غير صحيحة.
  • الاختلافات الثقافية. قواعد التفاعل الاجتماعي تختلف إلى حد كبير في مختلف الثقافات، شأنها في ذلك شأن المشاعر المعبّر عنها. وعلى سبيل المثال فإن مفهوم الحيز الشخصي يختلف بين الثقافات وبين مختلف الأوساط الاجتماعية.

المهارات والنصائح فيما يتعلق بالتواصل غير الشفوي

لغة الجسد. غالباً ما يكون من الممكن ملاحظة التغيرات في التعبير على محيا شخص آخر. وبالمثل فإن العائد يمكن أن يلاحظ التعابير على محيا مقدم المشورة ويلاحظ التوترات في لغة جسده. وهذا يمكن أن يكون علامة على الاهتمام الإيجابي أو السلبي. ومقدم المشورة بحاجة إلى أن يكون واعياً بكون جسده مصدر تواصل غير شفوي.

تتمثل مهارة أخرى من مهارات التواصل غير الشفوي يجب إنفاذها لدى إسداء المشورة للعائد في التزام "الصمت".

الصمت يعطي العائد فرصة للتفكير في الأمور. ويتيح له مجالاً للتفكير ولكن يجب أن يكون ذلك بشكل إيجابي مثيراً للاهتمام في جميع الأحوال. ومن جانب العائد، قد يشير الصمت أحياناً إلى انزعاج أو امتعاض. ومعظم الأشخاص يشعرون بعدم الارتياح للصمت وينزعون إلى التفوّه بأول ما يتبادر إلى أذهانهم، وما يتبادر إلى أذهانهم لا صلة له بالموضوع عادة. ويجب تفادي ذلك. ويجب ترك فترات صمت، وذلك حتى في بداية مقابلة المشورة قبل أن يتحدث العائد. وإذا توقف العائد عن الكلام لكن مسدي المشورة يشعر بأنه لم ينته فعلاً فمن الأهمية بمكان القبول بهذا الصمت. فالعائد قد يكون يفكر في شيء هام. وبعد هنيهة يمكن لمسدي المشورة أن يقول شيئاً ما من قبيل "يبدو أنك منهمك في التفكير"؛ فذلك سيسمح لهم بمعرفة أن مسدي المشورة حاضر معه وذلك يمكن أن ييسّر الحوار.

لا بد من عدم نسيان إظهار التواجد في الحوار أثناء الإنصات بطرق من قبيل:

إعطاء إشارات وتعليقات إيجابية غير شفوية. تعابير الوجه مؤشر واضح على الأفكار والمزاج. ومن الأهمية بمكان الوعي بلغة جسد الشخص. وتحريك العينين واسترخاء الكتفين والتململ المفرط وتجهم الوجه كلها تنم عن تجرد ونأي عن المحادثة. ويُستحسن النظر إلى الشخص الذي يتحدث والابتسامة والإنصات إليه باهتمام.

تحدد العبارة النعتية "نفسي – اجتماعي" الترابط بين "العقل" و"المجتمع". وفي مجال الهجرة يشمل ذلك ثلاثة أبعاد أساسية ومترابطة: البُعد البيولوجي – النفسي والبُعد الاجتماعي – الاقتصادي أو بُعد العلاقات الاجتماعية، والبُعد الثقافي – الأنثروبولوجي.

الشكل ألف.2: نموذج النهج النفسي - الاجتماعي 83

IMG-Ar-Sh-An-1-B

الأبعاد الثلاثة على نفس الدرجة من الأهمية وهي مترابطة ويؤثر بعضها على البعض.

ويتألف عامل  بُعد العلاقات الاجتماعية  أو البُعد الاجتماعي – الاقتصادي  من جانبين مكملين لبعضهما البعض: يجلب بُعد العلاقات الاجتماعية  جودة العلاقات – الأسرة والأصدقاء والزملاء والنظراء والأجانب والأعداء وغيرهم. أما الجانب  الاجتماعي – الاقتصادي  الاقتصادي فله صلة بتوافر الموارد وإمكانية الوصول إليها من قبيل نظام الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات. ويركز هذا العامل على أوجه التفاعل والترابط بين الفرد والجماعة.

ويشمل العامل  النفسي - البيولوجي  جميع العوامل البيولوجية والنفسانية التي تميز الإنسان: السلوك والصحة والأفكار والعواطف والمشاعر. وهو يشير أيضاً إلى الترابط بين الجسد والعقل وإلى تأثير البيولوجيا المتبادَل على الوظيفة النفسانية والأطوار الذهنية. والأحاسيس والمشاعر والصحة الجسدية والعقلية والهشاشة الجسدية والنفسانية والكرب والتفاعل مع الكرب وآليات التأقلم والتكيف وما إلى ذلك كلها لها صلة بهذا العامل.

ويشمل العامل  الثقافي – الأنثروبولوجي  fالأنثروبولوجي الثقافة والأنثروبولوجيا. وتُعرَّف "الثقافة" بأنها "منظومة معتقدات وقيم وتقاليد وأوجه سلوك وعادات حِرفية مشتركة تُمكّن أفراد مجتمع ما من مواكبة عالمهم والتأقلم مع بعضهم البعض، ويتم تناقلها من جيل لآخر من خلال التعلّم"84 . والأنثروبولوجيا، كمكمّل للثقافة، تعالج مسائل أصول الإنسان والتطور وتاريخ البشرية. وهي تدرس أوجه الشبه والاختلاف داخل المجتمعات وفيما بينها ومعتقدات وسلوك المجموعات، بما في ذلك الطقوس والتقاليد المترابطة مع ثقافات محددة. والطقوس والتقاليد مبطنة بدرجات مختلفة لدى الأفراد. وبإيجاز فإن العامل الثقافي – الأنثروبولوجي ينظر في الاختلافات الثقافية فيما بين الأفراد، وكيفية تكوّن الثقافات، وكيفية بلورة التجارب والتفاعلات البشرية للعالم.

والعوامل الثلاثة تؤثر على بعضها البعض ومن الممكن، من وجهة نظر نفسانية، تحليل وفهم كل جانب من جوانب ظاهرة الهجرة بالشكل الصحيح عند النظر في مضاعفاتها المتبادَلة. ومن الممكن تمحيص أي حدث بشري من داخل كل عامل من العوامل: من الأهمية بمكان الوعي بأن العاملين الآخرين يؤثران في أي منظور مزمع.

كيفية تأثير العودة على ترابط العوامل النفسية - الاجتماعية

النموذج المقدم أعلاه يُستخدم لتأطير التعقّد النفسي – الاجتماعي للهجرة العائدة، عاملاً بعامل وبترابط فيما بين العوامل، ولا سيما عندما لا يُفضي مشروع الهجرة إلى النتيجة المنشودة. أما على المستوى الفردي، وبالإشارة إلى النموذج النفسي – الاجتماعي، فإن التفاعلات الرئيسية هي:

على المستوى الفيزيولوجي

  • الإعياء والإرهاق والصدمة الجسدية
    يمكن أن يتعرض المهاجرون للعنف والتعذيب والاحتجاز وظروف العمل الاستغلالية التي يمكن أن تؤدي إلى صدمات مختلفة وإلى حالة إرهاق عام تزداد تفاقماً جراء تفاعل الكرب.

  • الأمراض المعدية والأمراض غير السارية
    قد يكون المهاجرون العائدون تعرضوا لعنف جنسي وجنساني وتعرضوا لعدوى اضطرابات مختلفة وقد تكون لديهم فرصة محدودة للحصول على الخدمات الصحية.

  • الإعاقات
    نتيجة للعنف والتعذيب والاعتداء يمكن أن يشكو المهاجرون من عاهات جسدية ومعرفية تؤثر بشكل هائل على أداء وظائفهم اليومية.

  • الإدمان
    كوسيلة للتأقلم مع مصاعب الهجرة يمكن أن يصبح بعض المهاجرين مدمنين على الكحول أو المخدرات. على المستوى النفساني

على المستوى النفساني

  • الخجل
    يحدده في الغالب الإحساس بفشل مشروع الهجرة. ويكون العائد مقتنعاً بأنه عاد "خالي الوفاض" وفقد ماء الوجه. وفي حالات أخرى قد يرجع سبب الخجل إلى أحداث مؤلمة خلّفت صدمة في عملية الهجرة، مثل العنف والاعتداء والتعذيب والاحتجاز.

  • الشعور بالذنب
    قد يشعر العائد بالذنب لأنه لم يكن قادراً على الاستخدام الأمثل للاستثمار الاقتصادي والنفساني والاجتماعي الذي أقدمت عليه الأسرة وأقدم عليه الأصدقاء والمجتمع المحلي لتمكينه من المغادرة. ويمكن أن يزداد ذلك تفاقماً نتيجة لفقدان الأصدقاء والأقارب عند العودة أو نتيجة لطول المدة المقضّاة في الخارج.

  • القلق الشديد
    الهجرة العائدة هي في حد ذاتها مصدر قلق شديد وتنطوي على مستوى مرتفع من الريبة بخصوص المستقبل.

  • الإحباط
    الإحباط هو نتيجة الشعور بالنبذ ولكن أيضاً نتيجة مواجهة صعوبات في الحصول على عمل وخلق سبل كسب الرزق ونيل قبول المجتمع المحلي.

  • الحزن
    ينتج الحزن عن فشل مشروع الهجرة والرفض في البلد المضيف، والرفض المحتمل في المجتمع الأصلي، وفقدان شركاء الحياة أو الهوية.

  • التوهان
    لقد تغير العائد أثناء الوقت الذي قضاه في الخارج كما تغير البلد الأصلي. وهذا يجعله يشعر بالتوهان لدى العودة مما يؤثر على تكيفه.

  • مركب النقص
    قد يشعر العائد بالنقص تجاه أولئك الذين تركهم وراءه ممن لم يهاجروا.

  • الإحساس بالخيبة
    لقد أخفق العائد في مشروع هجرته ولا يمكن أن يلوم إلا نفسه على هذا الإخفاق.

  • الاضطراب الانفعالي
    يأتي هذا الاضطراب في شكل تقلبات الدّهر. حتى النجاح البسيط يمكن أن يجعل العائد يشعر بالراحة لكن الانتكاسة وإن كانت صغيرة يمكن أن تجعله يشعر بأن لا أحد يفهمه ويشعر بالوحدانية.

  • الشعور بالغُبن
    هذا الأمر له علاقة بأزمة الهوية. فالمهاجر لدى عودته يشعر بأن الهوية الشخصية والاجتماعية التي كوّنها وهو في الخارج قد لا يُعترف بها في بلده الأصلي، في حين أن شخصيته السابقة قد يفقدها إلى حد ما.

  • مشاعر فقدان الأمل والشعور بالعجز
    هذه المشاعر مرتبطة بفقدان الشخص لثقته بقدرته على التعامل مع الأحداث وباعتقاد أن حدثاً واحداً لن يكون إيجابياً. ونتيجة لذلك قد لا يكون المهاجرون العائدون قادرين على تعبئة الطاقات وتوخي نهج استباقي.

  • الخوف
    يمكن أن يشعر المهاجرون العائدون بشكل دائم بأنهم في خطر، سواء كان التهديد حقيقياً أم لا. ويمكن أن يكون ذلك نتيجة أحداث ماضية مؤلمة مثل العنف أو التعذيب أو الاحتجاز.

  • الغضب
    أية مشاعر يمكن أن يوجهها الشخص إلى نفسه أو بلده الأصلي أو إلى الفاعلين والأعوان المعنيين بالهجرة والأقارب والأصدقاء، كردة فعل على الكرب وبسبب الشعور بالرفض أو بالغبن.

  • الشعور بالوحدانية
    الشعور بالوحدانية شعور سائد له صلة في الغالب بالشعور بعدم فهم الأسرة والأصدقاء والمجتمع المحلي له لدى عودته. والشعور بالوحدانية ربما رافق العائد أيضاً أثناء الوقت الذي قضاه بالخارج.

  • قلة إكبار الذات والثقة بالنفس
    قد تكون للعائد فكرة سلبية عن نفسه لأن العديد من توقعاته وانتظاراته لم تتحقق، فالتخوف من الإخفاق مجدداً متى تعلق الأمر بإعادة الإدماج في البلد الأصلي يجعله يشعر بأنه عديم القيمة والأهمية. وقد يشعر العائد بأنه لا يمكنه أن ينجح في أي مشروع حياتي جديد.

  • التركيز على الماضي أو على المستقبل عوضاً عن التركيز على الحاضر
    الحاضر يمثل تحدياً وأحياناً تهديداً للعائد. فالعائد قد يركز أكثر على الماضي، وذلك في آن واحد لأن تجارب وأحداث الماضي السلبية تتركه عالقاً أو لأن الماضي يسهل أكثر نوعاً ما التعامل معه مقارنة مع الحاضر الحي المتجدد. وقد يركز العائد على المستقبل كنوع من الفرار من حاضر يطرح تحديات.

على مستوى العلاقات الاجتماعية

  • خطر الوصم الاجتماعي
    قرار العودة يمكن أن يكون موضع وصم من جانب الأسرة والمجتمع في البلد الأصلي. غير أن الحال قد لا يكون كذلك عندما يعود المهاجر عن طواعية لاستثمار ما كسبه أو تعلمه في الخارج.

  • شعور العائد بأنه يُنظر إليه كشخص فاشل
    يشعر العائد أو يمكن أن يشعر بأنه يُنظر إليه كإنسان فاشل حيث إنه لم يكن عند مستوى تطلعات أسرته وأصدقائه وأفراد مجتمعه المحلي الذين استثمروا المال والأمل والإعجاب من الموارد المادية وغير المادية أثناء الوقت الذي قضاه العائد في الخارج.

  • النظر إلى العائد على أنه مشكلة أو عبء
    يمكن أن ينُظر إلى العائد على أنه فم لا بد من إطعامه، ولا سيما عند العودة مباشرة بسبب نقص أولي في موارد الرزق. وخاصة، إذا كان العائد يشكو من مشاكل صحية فإن تكلفة الرعاية ومقدمي الرعاية أنفسهم يمثلون عبئاً إضافياً.

  • صعوبة إعادة الاندماج في الأسرة
    قد تكون الأسرة استثمرت موارد مادية وغير مادية في مشروع هجرة قريبهم وقد تجد صعوبة في الترحيب به لدى عودته.

  • العزلة عن الآخرين والشعور بأنهم لا يفهمونه
    الانسحاب من المجتمع ردة فعل شائعة بالنسبة للعائد الذي يظن أن وضعه الراهن (بل وربما أيضاً قرار المغادرة الأولي) لا يفهمه الآخرون أو لن يفهموه. وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة للمهاجرين الذين أُجبروا على العودة. وبالإضافة إلى ذلك من الأهمية بمكان ملاحظة أن بعض العائدين لا يرغبون في الاتصال بمجتمعاتهم الأصلية بل وحتى إخبارهم بعودتهم. والعزلة عامل مؤدٍ إلى الاكتئاب ويمكن أن يُحدث حلقة مفرغة عندما لا يتلقى العائد أي دعم لأنه نأى بنفسه عن المساعدة من أي نوع كان..

  • قلة الثقة
    الخوف من عدم التقبل والتفهّم يمكن أن يحدد قلة الثقة تجاه الأسرة والأصدقاء والمجتمع المحلي. وقد يظن العائد أن ما من أحد مستعد لدعم إعادة إدماجه ومن الأرجح أن يعتمد على الشائعات والافتراضات.

على المستوى الاجتماعي – الاقتصادي

  • الفقر والمشاكل المالية
    غالباً ما يعود المهاجر "خالي الوفاض" من وجهة نظر مالية. ويمكن أن تكون لديه ديون لا بد له من سدادها وأسرة عليه أن يعيلها.

  • الصعوبة في الحصول على عمل
    الوضع الاقتصادي في البلد الأصلي يمكن أن يقلل من إمكانية الحصول على عمل أو خلق نشاط مدرٍ للدخل، الأمر الذي كان هو السبب في المغادرة أولاً وقبل كل شيء.

  • الديون
    قد يعود المهاجر بعبء ديون يكون عاجزاً عن سدادها. وقد تكون لديه ديون تجاه الأقارب أو الأصدقاء أو أي أفراد آخرين من أفراد المجتمع المحلي.

على المستوى الثقافي – الأنثروبولوجي

  • الانتماء الثقافي
    هذا الأمر مطعون فيه رهناً بمدة الإقامة بالخارج. وقد مر العائد بعملية اندماج في البلد المضيف وتعلم عادات البلد وطقوسه وتقاليده. ولدى عودته قد يجد صعوبة في اعتبار أنه ينتمي إلى بلد وإلى مجتمع قد يكونان تغيرا أو قد يشعر بأنهما تغيرا.

  • التغيرات في البلد
    بلد المنشأ كما عرفه العائد قد يكون تغير من حيث القواعد والعادات والأدوار الاجتماعية.

  • إمكانية نقل العائد لما تعلمه في الخارج إلى بلده الأصلي
    التغيرات الثقافية، بل وحتى التغيرات الطفيفة جداً من حيث القواعد والعادات والأدوار الاجتماعية كما تعلمها العائد في الخارج، قد لا تنطبق في البلد الأصلي.

  • التغيرات في السلوك وفي العادات السابقة
    رهناً بطول المدة المقضّاة في الخارج، كون العائد قد اكتسب عادات ومواقف وأوجه سلوك مختلفة وبشكل عام نظرة مختلفة للعالم. وقد يجد صعوبة في التكيف من جديد مع نظام غذائي مختلف ونسق عيش مختلف وطرق تفكير قد تختلف كثيراً عمّا تعوّد عليه.

وكما سبق وصف ذلك فإن هذه المسائل مترابطة. مثلاً قد يشعر العائد بالخجل لأنه لم يتمكن من سداد ديونه وهذا سبب من أسباب الوصم الاجتماعي الذي قد يجعله يشعر بالوحدانية والاستبعاد وانعدام الدعم. ومن جهة أخرى قد يعود المهاجر معتل الصحة وهذا يلقي بعبء على الأسرة التي يتعين عليها دفع ثمن علاجه، مما يجعله يشعر بالإحباط والضياع. وترابط هذه العوامل يرد مزيد شرحه في الإطار أدناه مشفوعاً بمثال عملي جداً.

استخدام نموذج النهج النفسي – الاجتماعي لفهم احتياجات العائد

"لقد وصل منذ قليل عائد ذكر إلى المطار. العائد يشعر بالتعب لأنه لم ينم طوال ليلتين. وكان عليه أن يقضي يومين في مطار بلد العبور مع مئات من المهاجرين الآخرين العائدين وجميعهم في مكان مكتظ في منطقة محظورة. العائد مسلم. وفي اليومين الأخيرين لم يحصل إلا على كمية ضئيلة جداً من الغذاء. وهو يشعر بالخجل ويخشى طلب الغذاء لأنه لا يعرف القواعد ولا يريد أن يُنظر إليه كشخص يستجدي ولا يمتلك أية نقود في حالة الحاجة إلى دفع ثمن الغذاء الذي قد يُقدم له."

هذا المثال يبين كيف أن العوامل أو الأبعاد الثلاثة مترابطة: فالرجل جائع (بُعد بيولوجي) ويشعر بالخجل (بُعد نفساني) في طلب الغذاء؛ ولا يمتلك أية نقود لشراء الغذاء (بُعد اجتماعي – اقتصادي)؛ وهو يخشى ويمانع لأنه لا يعرف كيف يجب أن يتصرف في هذه الوضعية التي هي جديدة بالنسبة له (البُعد الثقافي – الأنثروبولوجي) ولا يريد أن يُنظر إليه كمتسول (بُعد العلاقات الاجتماعية والبُعد الثقافي). وفي هذه الوضعية، ولتقديم العون يمكن تحديد أولويات الاحتياجات: الرجل يحتاج إلى غذاء (بُعد بيولوجي) ولكنه يحتاج أيضاً إلى إعادة طمأنة من الناحية النفسانية، وهو بحاجة إلى شرح للقواعد، ويجب تزويده بالغذاء بطريقة لا تُحرجه أمام نظرائه، ويمكن أن تكون مقبولة من الناحية الثقافية. وعند التفاعل مع العائد يتعين على مدير الحالة المعني بإعادة الإدماج ألا يكتفي بالنظر في المعلومات المجمّعة التي تتعلق ببُعد ما في حد ذاته وإنما عليه أن ينظر في جميع الأحوال في مضاعفات ذلك على البُعدين الآخرين. وبالاستناد إلى هذه الأسس من الممكن تصميم وتنفيذ برامج إعادة إدماج مستدامة.

Schininà, G. The paradigm of a psychosocial approach in Livelihood Interventions as Psychosocial Interventions (online video 2016).83

Bates D.G. and F. Plog, Cultural Anthropology. Third Edition. McGraw-Hill (New York, 1976).84

أثناء أول لقاء مع مدير الحالة خاصة، قد يكون العائدون في حالة كرب بدرجات متفاوتة. ويمكن أن يكون كربهم نتيجة تجاربهم السابقة وتصورهم السلبي بخصوص العودة وقلقهم الشديد إزاء المستقبل، أو قد يكونون يشعرون بقلق بالغ وكرب بخصوص دورة إسداء المشورة نفسها، التي هي معلم هام في طريق عودتهم. فهي جزء من مهمة مدير الحالة المتمثلة في تقديم دعم عاطفي أولي مباشر عندما يلتقي بأشخاص يشعرون بالكرب.

ويبرز الجدول ألف.1 أدناه البعض من مظاهر الكرب:

الجدول ألف.1: مظاهر الكرب

الكرب الجسدي الكرب العاطفي الكرب السلوكي الكرب المعرفي
الارتعاش النزعة إلى البكاء رداءة الاعتناء بالذات/ قلة النظافة الارتباك
التململ التنهّد باستمرار الحذر واليقظة في كل لحظة النسيان
نقر الأصابع/ العقبين سوء المزاج التكلم بسرعة/ ببطء عدم القدرة على التركيز
التعرّق الشعور بفقدان الأمل والشعور بالذنب والخجل ابتلاع الريق باستمرار وحك الملابس بالكفين تقديم أجوبة لا علاقة لها بالأسئلة/ صعوبة في إيجاد الألفاظ المناسبة
إعياء مفرط تخوف صعوبة في القيام بالإجراء الصحيح النظر فقط إلى الأمور السلبية
الدوار والصعوبات في التنفس سرعة الانفعال وثورات الغضب الاضطراب بطء التفكير

ما يجب فعله: الدعم العاطفي

أولاً من المهم التزام الهدوء. وطرح السؤال على العائد في حالة كرب لمعرفة ما إذا كان يحتاج إلى فترة استراحة قصيرة. وتقديم كأس ماء أو تقديم شيء عملي يروّح عن النفس. ومحادثة صغيرة في هذه الحالة يمكن أن يساعد على الحد من التوتر: التحدث عن موضوعات عامة من قبيل الطقس والأخبار والهوايات.

"هذا المكان حار (أو بارد) ... هل هذا صحيح؟" وهذا يساعد الشخص على العودة إلى الواقع الحالي والابتعاد عن خواطره.

"ماذا تريد أن تفعل عندما ترغب في الاستراحة؟" وهذا يساعد الشخص على التفكير في شيء يروق له.

"هل تحب الموسيقى (الرقص، الرياضة)؟" هذا هام للتركيز على شيء ممتع.

إذا كان المهاجر العائد يشعر بكرب بشكل خاص ويُظهر علامات معاناة واضحة يمكن تقديم مساعدة فورية في شكل إسعافات نفسانية أولية.

الإسعافات الأولية النفسانية

هذه أداة دعم ترمي إلى مساعدة أي إنسان، كبيراً كان أو مراهقاً بل وحتى طفلاً، مر مؤخراً بحدث أو أكثر من الأحداث المرهقة أو فترة إرهاق مطولة. وقد وضع هذه الأداة كل من منظمة الصحة العالمية، ومؤسسة معالجة صدمات الحرب والمنظمة الدولية للرؤية العالمية. وهذا الدعم يمكن أن يوفره أيضاً أشخاص من غير المهنيين85

ويرجع سبب تقديم الإسعافات الأولية النفسانية إلى بداهة مسألة أن الأشخاص يمكن أن يتعافوا بشكل أفضل عندما:

  • يشعرون بالسلامة ويشعرون بأنهم على صلة بغيرهم ويتحلون بالهدوء والأمل؛
  • يحصلون على الدعم الاجتماعي والجسدي والعاطفي؛
  • يستعيدون الإحساس بالتحكم في أمورهم عن طريق القدرة على مساعدة أنفسهم.

لكن ما كل مهاجر يعيش حدثاً مرهقاً أو فترة إرهاق مطولة يحتاج إلى إسعافات أولية نفسانية أو يرغب في الحصول عليها. ومن الأهمية بمكان عدم فرض المساعدة على أولئك الذين لا يرغبون فيها، ولكن لا بد من جعلها متوافرة بسهولة لأولئك الذين قد يرغبون في الحصول على دعم.

بالإضافة إلى ذلك هناك عائدون يحتاجون إلى رعاية أكثر تخصصاً من مجرد الإسعافات الأولية النفسانية. وفي هذه الحالة لا بد من إحالة الشخص المحتاج إلى هذه الرعاية إلى الرعاية الطبية أو الرعاية النفسانية المتخصصة. فمن هم هؤلاء الأشخاص يا تُرى؟ هم العائدون الذين:

  • يحاولون أو يُعلنون أنهم حاولوا الانتحار أو إلحاق أذى بأنفسهم؛
  • هم عنيفون بشكل خاص تجاه غيرهم؛
  • بلغوا نقطة لم يعد فيها بإمكانهم تذكّر أبسط وقائع حياتهم (مثل اسمهم) ولم يعد بإمكانهم القيام بالأعمال الروتينية الأساسية (الاستيقاظ والأكل): ويمكن التأكد من ذلك مع المهاجر؛
  • يفيدون بأنهم تعرضوا للاغتصاب أو التعذيب أو العنف الشخصي أو الاتجار أو عاشوا أحداثاً مأساوية؛
  • يفيدون بأنهم يتعاطون المخدرات؛
  • يفيدون بأنهم يشكون من مشاكل نفسانية، ولا سيما إذا لم يكن بإمكانهم الحصول على المخدرات لفترة مطولة من الزمن.

يمكن توفير الإسعافات الأولية النفسانية أثناء حدث أو فترة الإرهاق، مباشرة بعد ذلك أو حتى بعد بعض الوقت، متى أمكن ذلك.

وفيما يتعلق بالسياق والمكان الذي يمكن فيه توفير الإسعافات الأولية النفسانية لا بد أن يضمن السياق والمكان سلامة وأمن مدير الحالة والعائد. ويجب، من الناحية المثالية، توفير الإسعافات في مكان تُحفظ فيه السرية وتضمن فيه درجة معينة من الحميمية.

وتقديم الإسعافات الأولية النفسانية بشكل مسؤول يعني:

  1. احترام السلامة والكرامة والحقوق.
  2. تكييف ما يتم القيام به لمراعاة ثقافة الشخص المعني.
  3. الوعي بتدابير الاستجابة الأخرى في حالات الطوارئ.
  4. الاعتناء بالنفس.

قبل تقديم الإسعافات الأولية النفسانية يرجى النظر في القواعد الأخلاقية التالية:

ما يبغي فعله ما ينبغي تجنّبه
  • التحلي بالإخلاص والموثوقية
  • احترام حق الشخص في اتخاذ قراراته بنفسه.
  • الوعي بالانحياز والتحيز الشخصيين والنأي عنهما.
  • السهر على أن يكون واضحاً لدى الأشخاص أنه حتى إذا رفضوا المساعدة الآن فإنه يظل بإمكانهم الحصول عليها في المستقبل.
  • احترام الخصوصيات والحفاظ على سرية قصة الشخص، متى كان ذلك ملائماً.
  • التصرف على النحو الملائم عن طريق مراعاة ثقافة الشخص وسنه ونوع جنسه.
  • استغلال علاقتك كمقدم للمساعدة.
  • طلب أي أموال أو أي خدمة من الشخص مقابل مساعدته.
  • تقديم وعود كاذبة أو إعطاء معلومات خاطئة.
  • المبالغة في إظهار مهاراتك.
  • فرض المساعدة على الأشخاص وعدم التطفل وعدم الإلحاح.
  • الضغط على الأشخاص لكي يرووا لك قصتهم.
  • تقاسم قصة الشخص مع الغير.
  • الحكم على أفعال أو مشاعر الشخص المعني.

تمارين للاسترخاء

من الممكن اقتراح أحد التمارين الوارد وصفها أدناه التي يتمثل الغرض منها في تهدئة الشخص المرهق بسرعة. وكحل بديل، وإذا تبين أن لا شيء يبدو يسير كما ينبغي للحد من الإرهاق، بإمكان مدير حالة إعادة الإدماج اقتراح وقف الدورة وإرجائها إلى تاريخ لاحق أو تقديم إسعافات أولية نفسانية.

إذا شعُر الشخص بأنه منفصل عن الواقع، يجب مساعدته على:

  • الملامسة (الإحساس بالقدمين على الأرض، والنقر بالأيدي على الحضن)؛
  • التواصل مع الأشياء المحيطة (بملاحظة الأشياء المحيطة به)؛
  • التنفس (التركيز على النفس والتنفس ببطء).

ويمكن اقتراح أحد التمارين التالية للاسترخاء في الأجل القصير والتواصل من جديد مع واقع "الآن وهنا".

التنفس العميق

التحضيرات:

التوجه إلى الشخص بطلب الجلوس على الكرسي أو، إذا أمكن ذلك، طلب الاستلقاء على ظهره على أريكة أو على الأرض أو على فراش. والأهم أن يكون كل من الكتفين والرأس والعنق مسنداً.

إعطاء التوجيهات التالية بهدوء وبنبرة دافئة:

(يرجى ملاحظة أن علامة "..." في التعليمات التالية تعني التوقف لمدة ثلاث ثواني).

"إذا كنت تشعر بالأمان أغمض عينيك وإلا فانظر إلى الجدار أمامك (أو السقف إذا كان مستلقياً على ظهره). والآن تنفس قليلاً وركز على التنفس ...

أدخل النفس ... وأخرج النفس ... اتّبع إيقاع صوتي ... أدخل النفس ... وأخرج النفس ... (لا تتسرع وحاول الحد من سرعة تنفس الشخص في الأثناء) ...

والآن أدخل النفس من خلال أنفك ... دع بطنك يمتلئ بالهواء ...

أخرج النفس عبر فمك ... أُشعر بأن بطنك فارغ ...
الآن ضع إحدى يديك على بطنك واليد الأخرى على صدرك ...

وأنت تُدخل النفس أُشعر بأن بطنك آخذ في الارتفاع ... وأنت تُخرج النفس أُشعر بأن بطنك آخذ في النزول ... ومن المفروض أن تتحرك يدك التي على بطنك أكثر من تحرك يدك التي على صدرك ...

والآن خُذ نفساً أعمق ثلاث مرات ... أدخل النفس كلياً إلى بطنك وهو آخذ في الارتفاع والنزول مع نَفَسك ... والآن وأنت تُدخل النفس تصوّر الهواء وهو يدخل جسمك ويُدخل عليه السكينة والطمأنينة ... حاول أن تشعر بكل ذلك داخل جسدك ...

والآن أخرج النَفس... وتخيل، وأنت تفعل ذلك، أن الهواء يزيل كل توتراتك ... أدخل النَفَس وأخرج النَفَس ..."
تكرار ذلك لمدة خمس دقائق أو أكثر إلى أن تُحس بأن الشخص آخذ فعلاً يشعر بالهدوء.
ولإنهاء هذا التمرين يمكن إعطاء الشخص التعليمات الأخيرة التالية:

"والآن تنفس بشكل عادي ... ركّز على جسمك المسترخي ... على الكرسي (الأريكة) ... والآن ركّز على الغرفة ... حاول أن تتخيل الغرفة ... وجميع الأشياء الموجودة في الغرفة ثم أنت وأنا في الغرفة ... والآن، عندما تشعر بأنه الوقت المناسب لك افتح عينيك ببطء ... وأبسط ذراعيك على جسمك ...".

افعل ذلك بنفسك لتبيّن للشخص المعني كيفية القيام بذلك ودعوة الشخص إلى فعل نفس الشيء.

إذا ما أعطى التمرين عكس النتيجة المنشودة لا تُلح وضع حداً للتمرين. وجرّب تمريناً آخر.

العد التنازلي

هذا التمرين تمرين بسيط وفعال يقوم على التنفس والعد. أطلب من الشخص الجلوس أو الاستلقاء بشكل مريح مع إسناد الذارعين والرجلين إلى الأريكة أو على الأرض.

والآن قُم بعد كل نَفَس داخل وكل نَفَس خارج بدءاً بعشرة إلى أن تصل إلى 1. يمكن أن تقول:
"دعنا نعد نتنفّس كالآتي:

10- أدخل النَفَس
9- أخرج النَفَس
8- أدخل النَفَس
7- أخرج النَفَس
6- أدخل النَفَس
5- أخرج النَفَس
4- أدخل النَفَس
3- أخرج النَفَس
2- أدخل النَفَس
1- أخرج النَفَس

والآن دعنا نكرر هذا التمرين ..."

كرر هذا التمرين عدد المرات التي تشعر بأنها ضرورية لتهدئة الشخص، شريطة ألا يكون لذلك الأثر العكسي.

تذكّر أنه من الممكن، من خلال التنفس، التحكم بشكل غير مباشر في معدل نبضات القلب، بالتحكم في طول وعمق النفس. وإضافة تقنية العد التنازلي يُخفف من الأثر النفساني المتمثل في إسناد مهمة يصعب على العقل التركيز عليها، وبشكل أساسي صرف الانتباه عن كل ما يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والتركيز على العمليات الداخلية الحاصلة داخل الجسد.

التصورات المركّزة: المكان الآمن

طلب قيام العائد بالجلوس على الكرسي (ومن الأفضل على أريكة يُسند فيها الظهر والرأس والذراعان). وطلب قيام العائد بأخذ بضع دقائق للتركيز على التنفس، ثم إغماض عينيه (إذا لم يكن ذلك يخلق إزعاجاً أو قلقاً شديداً)، ليصبح الشخص واعياً بأي توتر في جسده وجعل التوتر يزول مع كل نفس يخرج.

ثم أعطي العائد التعليمات التالية:

  • "تخيل مكاناً تشعر فيه بالسكينة والهدوء والأمان. يمكن أن يكون مكاناً زرته من قبل أو مكان حلمت بزيارته أو مكان رأيته في صورة أو مجرد مكان هادئ يمكن أن تتصوره في مخيلتك.
  • انظر حواليك في ذلك المكان: لاحظ الألوان والأشكال.
  • والآن لاحظ الأصوات المحيطة بك أو ربما السكون. الأصوات القريبة منك والبعيدة عنك. الأصوات المسموعة أكثر وتلك الأكثر وضوحاً
  • فكر في أية روائح تلاحظها هنا.
  • ركّز على أية أحاسيس جلدية – الأرض تحت قدميك وما يسندك في ذلك المكان ، ودرجة الحرارة، وتنقل الهواء، وأي شيء آخر يمكنك ملامسته.
  • لاحظ الأحاسيس المادية الممتعة في جسدك وأنت تستمتع بهذا المكان الآمن.
  • الآن وأنت في سكينة وفي مكان آمن لك أن تختار لذلك اسماً، سواء أكان كلمة واحدة or واحدة أو عبارة يمكنك أن تستخدمها لاستحضار تلك الصورة في أي لحظة تحتاج إلى استحضارها.
  • لك أن تختار البقاء هناك بعض الوقت مستمتعاً بالسكينة والهدوء. وبإمكانك أن تترك متى أردت، فقط بمجرد فتح عينيك والوعي بالمكان الذي تتواجد فيه الآن والعودة بنفسك إلى اليقظة من جديد في إطار المفهوم "هنا والآن".
  • الآن وقد فتحت عينيك خذ وقتك للاستيقاظ من جديد بشكل كامل. وواصل التنفس بسلاسة وتوازن. وتذكّر أن مكانك الآمن تحت تصرفك متى احتجت إليه."

إظهار التعاطف من خلال الإنصات الفعال واستخدام عبارات مطمئنة وإيماءات غير شفوية. وتذكر أن المهاجرين الذين مروا بأحداث شديدة الإرهاق بل وحتى مثيرة لصدمة يخشون الجنون وأن لا أحد يقدر على فهمهم. وهم بحاجة إلى شخص لا يظن أنهم "مخطئون".

85 منظمة الصحة العالمية ومؤسسة معالجة صدمات الحرب والمنظمة الدولية للرؤية العالمية، "Psychological First Aid" (جنيف، 2011).

يجب أن يكون مدير الحالة قد حصل على معلومات من المستشارين في البلد المضيف بخصوص أي مشكلة صحة عقلية مشخّصة لدى العائد. ويجب، متى أمكن ذلك، إشراك الأسرة منذ وصول العائد. وفي انتظار الوصول الفعلي يتعين على مدير الحالة التأكّد من مستوى وعي الأسرة بخصوص صحة العائد العقلية و، عند اللزوم، مدّها بالمعلومات الأساسية والنصائح العملية للتعامل مع الوضع. وإذا لم يتسن إشراك الأسرة بعد الوصول يتعيّن على مدير الحالة ملاقاة العائد فردياً بالمطار أو عند ميناء دخول البلد. ويتعيّن على مدير الحالة دعوة العائد إلى مكان هادئ منفصل ودعوته إلى الجلوس وطرح أسئلة حول رحلته وحالته الصحية الراهنة ("كيف كانت السَفَرة؟ كيف حالك؟"). ويتعيّن على مدير الحالة التأكد مع العائد من أية معلومات تتعلق بصحته العقلية التي وصفها البلد المضيف.

ويمكن لمدير الحالة أن يسأل:

مدير الحالة: "زملائي الذين التقيتهم في [البلد المضيف] قالوا لي إنك عانيت مؤخراً من بعض المشاكل من حيث الصحة العقلية. وهذا يجعل حياتك صعبة، أليس كذلك؟"

والغرض من هذا السؤال هو التأكد ممّا إذا كان العائد واعياً باضطراباته العقلية.

إذا كان الرد بالإيجاب، يمكن أن تركّز دورة المشورة الأولى هذه على وضع خطة دعم مع اتخاذ إجراءات فورية استجابة للاحتياجات الأساسية:

مدير الحالة - "هل أن أسرتك على عِلم بأنك عدت؟"

إذا كان الرد بالإيجاب يتعين الاتصال بالأسرة بعد طرح السؤال على العائد لمعرفة الشخص الذي يرتاح له أكثر من غيره.

إذا كان الرد بالنفي، يجب استيضاح السبب في عدم إبلاغ الأسرة بالوصول وتقديم الدعم.

مدير الحالة – "هل لك مكان تقيم به؟"

إذا كان الرد بالنفي يجب توفير المأوى المؤقت والطعام.

مدير الحالة – "هل لك هاتف جوال؟"

إذا كان الرد بالإيجاب يجب أخذ رقم الهاتف. وإلا فيجب مدّ العائد بهاتف جوال. وإلا فيجب مدّ العائد بهاتف جوال.

إذا كان الرد بالنفي فذلك يعني إما أن الحالة الصحية خطرة ولا يعترف بها العائد أو أن الحالة الصحية تمّ تشخصيها تشخيصاً خاطئاً. وليس لمدير الحالة أن يتأكد من التماسك بين المعلومات التي تلقاها وحالة العائد الفعلية. وفي هذه الحالة، وقبل استنباط أي خطة دعم وتحديد جدول زمني للقاءات، يوصى بإحالة العائد إلى أخصائي في الأمراض النفسية، متى كان ذلك ممكناً، أو إلى طبيب أو أخصائي في علم نفس.

مدير الحالة – "هل تتناول حالياً أية أدوية لمعالجة الاختلال الذي تعاني منه؟ ما هو هذا الدواء؟"

والغرض هنا هو التأكد من وعي العائد باختلاله العقلي والتأكد ممّا إذا كانت الأدوية المسجّلة سابقاً تتفق مع الأدوية التي يتناولها العائد، الذي من المفروض أن يسافر وبحوزته شهادة طبية.

وإذا كان الرد بالإيجاب من الأهمية بمكان التأكد مع العائد ممّا إذا كانت كمية الأدوية التي بحوزته تكفيه إلى أن تتم برمجة المتابعة الطبية. وإذا لم يكن الحال كذلك فإن الأمر يحتاج إلى إحالة عاجلة. ومواصلة العلاج أساسية للعائدين الذين يعانون من اضطرابات عقلية.

وإذا كان الرد بالنفي يوصى بالإحالة إلى أخصائي في الأمراض العقلية مهما يكن.

مدير الحالة – "هل الدواء معك الآن؟ هل تتناوله بانتظام؟"

والغرض هنا هو التأكد من الامتثال للوصفة الطبية. وهذا يعطي مدير الحالة معلومات حول إمكانات العائد ونقاط قوته وحول مدى استعجال المتابعة الطبية.

إذا كان الرد بالإيجاب يكون من المفيد الثناء على العائد وتذكيره بأهمية تناول دوائه بانتظام.

وإذا كان الرد بالنفي يكون من المهم التأكد من أسباب ذلك وإعطاء بعض النصائح من أجل الامتثال ("يمكنك أن تستخدم منبهاً يذكّرك بالدواء. ولك أن تشغّل منبهاً على هاتفك الجوال.") وفي هذه الحالة يحتاج الأمر إلى إحالة.

وانطلاقاً من هذه المرحلة يتعين على مدير الحالة أن يطمئن من جديد العائد المصاب بمرض عقلي بخصوص توافر دوائر صحية في البلد يمكن أن توفر له الدعم.

وبعد تقديم الدعم العاطفي الأولي، ومع مراعاة إرهاق الرحلة، على مدير الحالة أن يحدد موعداً مع العائد في مكتب المنظمة. ومن الهام جداً في هذه المرحلة الحصول على رقم هاتف العائد ورقم هاتف فرد من أفراد الأسرة أو صديق، وذلك، في جميع الأحوال، بموافقة العائد.

وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، قد لا يرى العائد حاجة إلى مقابلة مدير الحالة من جديد. ويمكن أن يكون ذلك نتيجة للاضطراب العقلي. وعلى مدير الحالة أن يحثه بلطف على طلب المساعدة.

لكن، كما ذُكر من قبل فإن الأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية المشار إليها أعلاه قد يحتاجون إلى إحالة فورية إذا:

  • كانوا عدوانيين بشكل خاص؛

  • كانوا قد أشاروا إلى محاولة انتحار أو أنهم ينوون محاولة الانتحار؛

  • لم يعودوا يتذكرون أموراً بسيطة جداً بخصوص حياتهم (مثل اسمهم) أو يشيرون إلى أنهم لا يقدرون على القيام بأبسط الأمور الروتينية الأساسية (الاستيقاظ، والأكل، والاعتناء بنظافتهم الشخصية وما إلى ذلك)؛

  • إذا أفادوا بأنهم تعرضوا مؤخراً للاغتصاب أو التعذيب أو العنف الشخصي أو الاتجار أو شهدوا شخصياً حوادث مأساوية؛

  • إذا أشاروا إلى أنهم يتعاطون المخدرات وخاصة إذا لم يحصلوا على المخدرات لفترة طويلة من الزمن؛

  • إذا أفادوا بأن لهم مشاكل نفسانية قائمة أو إذا تصرفوا بطريقة يصبح معها أي حوار أمراً مستحيلاً أو يجعلون مدير الحالة يشعر بعدم الارتياح ومرهقاً جداً ويشعر بقلق بالغ؛

  • إذا أفادوا بأنهم لا يمتلكون الدواء الذي يجب عليهم تناوله أو أنه قد استُنفد.

ويتعين على مديري الحالات في جميع الأحوال أن يكونوا واعين بحدودهم وعدم محاولة فعل كل شيء بمفردهم. فبالنسبة للأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم أكثر تخصصاً تكون الإحالة إلى أخصائي في الأمراض العقلية ضرورية. وعلى مدير الحالة أن يشرح بكل بساطة ممكنة سبب الإحالة ونوع الدعم الذي يجب أن يتلقاه العائد، وفي نفس الوقت أيضاً طرح السؤال لمعرفة رأي العائدين (يجب في جميع الأحوال ألا يغيب عن الأذهان الوصم المحيط بمسائل الصحة العقلية).

وبصرف النظر عن الإحصاءات والتشخيصات لا بد من إيلاء اهتمام خاص لأي مهاجر تبدو عليه علامات معاناة عقلية. ويمكن أن يلعب مديرو الحالات دوراً هاماً في تثبيت أو تخفيف المعاناة العاطفية لدى العائدين. وجميع أساليب التواصل الوارد وصفها في الفقرات السابقة، فضلاً عن المعرفة الأساسية بعلامات وأعراض الاضطرابات العقلية، مفيدة لخلق جو من الاطمئنان والثقة وإعداد العائد الذي يعاني من اختلال عقلي لعملية المساعدة على إعادة الإدماج.

وللتذكير فإنه يوصى بأن يقوم مدير الحالة في جميع الأحوال، بصرف النظر عن الاختلال المحدد، بالتأكد مع العائد ممّا يلي:

  1. إذا كان الدواء بحوزته (إذا كان لدى مديري الحالات أي شك بخصوص امتثال العائد لوصفة تناول الدواء يوصى بطلب مساعدة الأسرة).

  2. إذا كانت الأسرة واعية بالاختلال ومستعدة للترحيب بقريبها ودعمه.

  3. ما إذا كان العائد وأسرته مطمئنين من جديد.

يجب، متى أمكن ذلك، تنظيم دورات توعية بخصوص الاضطرابات العقلية وكيفية تقديم الدعم للعائدين الذين يعانون من اضطرابات عقلية، موجّهة إلى موفري الرعاية.

هاء.1 الاضطرابات العقلية

تُقدّر منظمة الصحة العالمية أن ما بين 1 و3 في المائة من سكان أي بلد يشكون من اضطرابات عقلية حادة فيما تعاني نسبة قرابة 10 في المائة من اضطراب عقلي خفيف أو متوسط. ودون الدخول في المزيد من الاعتبارات السريرية التي تتجاوز نطاق هذا الدليل فإن الاضطرابات العقلية الحادة هي تلك التي تؤثر، إلى حد كبير، في أداء الفرد لوظائفه الحيوية وهي أكثر احتمالاً لأن تكون مزمنة، في حين أن الاضطرابات العقلية الخفيفة إلى المتوسطة لا تعطّل أداء الأفراد المصابين بها لوظائفهم العادية بنفس المستوى، بمعنى أن الشخص المصاب يظل في غالب الأوقات يعيش حياته العادية ومن المرجح أن يتغلب على المرض بمر الزمن وبفضل الدعم المقدّم. ونفس الاضطراب، مثل الاكتئاب، يمكن أن يكون خفيفاً أو متوسطاً أو حاداً بحسب درجته ومدته ونطاق أعراضه، في حين أن اضطرابات أخرى مثل الاضطراب الذهاني حادة بحكم تعريفها. والبحوث بخصوص الصحة العقلية للمهاجرين غير قاطعة في مسألة ما إذا كان المهاجرون أكثر احتمالاً للإصابة باضطرابات عقلية من السكان من غير المهاجرين. وأحدث الاستعراضات المنهجية لأكثر الدراسات موثوقية تخلص أساساً إلى أنه لا توجد اختلافات كبيرة بينهما، فيما عدا حالة واحدة هي الاضطراب النفسي اللاحق للإصابة، الذي هو أكثر ارتفاعاً في صفوف اللاجئين86 وضحايا الاتجار87 . وتؤكد دراسات أخرى وجود معدل انتشار أعلى في الاضطرابات الذهانية والاكتئاب، ولا سيما في صفوف اللاجئين. غير أن هذه الاختلافات، وإن كانت ذات أهمية من الناحية الإحصائية، إلا أنها ليست مرتفعة بالنسب المطلقة. وبالإضافة إلى ذلك لا يوجد إلا عدد قليل جداً من الدراسات حول الصحة العقلية للمهاجرين العائدين ونتائجها غير مقنعة هي الأخرى. وإجمالاً فإن المهاجرين العائدين، حتى وإن كانوا يخضعون لعوامل إجهاد عدة ويمكن أن يكونوا بحاجة إلى دعم نفساني إلا أنه من غير المحتمل أن يصابوا باضطراب عقلي. ومن حيث المبدأ يمكن توقّع أن توجد في صفوف المهاجرين العائدين نفس النسبة من الإصابة بالاضطرابات العقلية الحادة الموجودة في صفوف السكان الآخرين (2-3 في المائة) وأن يوجد معدل انتشار أعلى في الإصابة بالاضطرابات العقلية الخفيفة إلى المتوسطة التي يُحتمل أن تخف حدتها بمر الزمن وبفضل المساعدة الاجتماعية والنفسية - الاجتماعية.

وبالإضافة إلى ما تقدّم فإن أولئك الذين يعودون عبر برنامج العودة الإنسانية، مثلاً من مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، فإن تجارب العنف والتعذيب والعنف الجنسي والتهديد والاستغلال الشديدين أكثر حدوثاً مما هي عليه في صفوف المهاجرين الآخرين ويمكن أن تتسبّب في انتشار أوسع نطاقاً للاضطرابات العقلية .88

وأخيراً فإن الاحتجاز لأسباب إدارية له صلة بارتفاع حالات الاضطراب العقلي ويجب مراعاة ذلك لدى التعامل مع العائدين الذين تعرضوا للاحتجاز.

وفي الختام لا يوجد تعميم ممكن ومسألة ما إذا كان عائد ما معرضاً لاضطراب عقلي تتوقف على الجمع الفريد من نوعه بين السوابق الشخصية وأوجه الهشاشة القائمة وعوامل الإجهاد المواجهة أثناء فترة الهجرة والعودة والوصول إلى الخدمات طوال دورة الهجرة.

ومن بين أولئك الذين يعودون عن طواعية، بحسب المعلومات التي سجلتها المنظمة الدولية للهجرة وبالاستناد إلى تحليل آخر الحالات العقلية المتكررة في صفوف العائدين من هولندا، فإن أكثر أشكال الاضطرابات العقلية شيوعاً هي الاضطراب الاكتئابي والاضطراب الذُهاني والاضطراب النفسي اللاحق للصدمة.

وفي حالة المساعدة على العودة الطوعية، وبالاستناد إلى لوائح وقواعد المنظمة الدولية للهجرة وأفضل الممارسات المستوحاة من الشركاء الآخرين من قبيل الحكومات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية وسائر وكالات الأمم المتحدة، يجب ألا تتم العودة إلا إذا:

  1. اعتُبر أن المهاجر قد اتخذ قراراً متروياً وكامل الصلاحية .89

  2. لم تكن الرحلة والعودة تُعرض للخطر حياة المهاجر فيما يتصل بمرضه العقلي.

  3. كان من الممكن ضمان استمرارية الرعاية.

وبناءً على ذلك فإنه في حالة العودة من الضروري من حيث المبدأ أن يكون المهاجر قادراً على اتخاذ القرارات والتصرف إلى حد ما وأن يكون هناك نظام إحالة خاص بوضعه الصحي سبق أن تم تحديده بالفعل في البلد.

والعائدون الذين يعانون من اضطراب عقلي لا تقتصر حالتهم على اضطرابهم النفسي فقط. بل هم أيضاً أفراد لهم مجموعة من الاحتياجات تتجاوز مجرد المرض والإمكانات والخطط فهم بالتالي يحتاجون إلى مشورة بخصوص إعادة إدماجهم. وهكذا فإن اكتساب المعرفة الأساسية بالاضطرابات العقلية الثلاثة الأكثر شيوعاً يسمح لمدير الحالة بأن يفهم على نحو أفضل ما يبديه المهاجرون الذين يشكون من مثل هذه الأمراض من سلوك أثناء المشورة والتواصل وفقاً لذلك.

وعلى سبيل التحذير فإنه ليس من مسؤولية مدير الحالة محاولة تحديد الاضطرابات العقلية لدى المستفيدين. فذلك يصنّف في الواقع كممارسة سيئة لأن الاضطرابات العقلية تُحددها كوكبة من الأعراض فضلاً عن نطاقها ومدتها وتفاعلاتها. وفهم الفرق بين سلسلة من الأعراض واضطراب عقلي دون إحالة سريرية ممارسة سيئة يمكن أن تؤدي إلى الوصم وفرط الإحالة ومن شأنها أن تغيّر بشكل عام العلاقات بين مدير الحالة والعائد أثناء المشورة. وهذا الدليل يوفّر إيضاحات حول الحالات التي يحتاج فيها مدير الحالة إلى إحالة الشخص إلى مهني في مجال الصحة العقلية أو أن يعرض الإحالة كخيار. وفي جميع الحالات الأخرى، على مدير الحالة أن يمتنع عن محاولة التشخيص. والتوضيحات أدناه هي نصائح للتواصل مع المهاجرين الذين تم تشخيص أنهم يعانون من اضطراب عقلي إما قبل المغادرة أو بعد الوصول على أيدي مهني قبل جلسة المشورة.

وسيغطي الفرع التالي التوصيات بشأن التعرف إلى المهاجرين الذين يعانون من اضطراب اكتئابي أو اضطراب ذُهاني واضطراب نفسي لاحق للصدمة، والعمل مع هؤلاء المهاجرين.

هاء.2 الاضطراب الاكتئابي

الاضطراب الاكتئابي هو مرض عقلي يتميز بسوء المزاج والنفور من النشاط والمعاناة العامة العميقة. كما أنه يؤثر في العقل والجسم. وهو يختلف عن الحزن الذي هو جزء عادي من الحياة اليومية وأقل خطورة بكثير. والاضطراب الاكتئابي الذي يُسمى أيضاً "اكتئاب" يؤثر في الطريقة التي يشعر بها الشخص ويفكر بها في نفسه وفي الأمور، والطريقة التي بها يأكل وينام ويتصرف. وقلة الاعتزاز بالنفس، وقلة الاهتمام بالأنشطة الممتعة في العادة وقلة الهمة والتألّم بشكل عام بدون أي سبب واضح إنما هي في غالب الأحيان عناصر من العناصر المكونة للاضطراب الاكتئابي. وهو أكثر الاضطرابات العقلية شيوعاً في صفوف عامة السكان ويصبح أحياناً مزمناً ويؤثر في الحياة اليومية العادية ويتسبّب في ألم ومعاناة للمرضى وأسرهم أيضاً.

مظاهر الاضطرابات الاكتئابية

يؤثر الاضطراب الاكتئابي، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، على العقل والجسم، بما يعني أن له في نفس الوقت مظاهر نفسانية وجسدية. وترد في الجدول أدناه قائمة بأكثر هذه المظاهر شيوعاً:

الجدول ألف.2: الظواهر النفسانية والجسدية لاعتلال الصحة العقلية

مظاهر الاضطراب النفسانية مظاهر الاضطراب الجسدية
الحزن والمزاج الاكتئابي الإعياء أو فقدان الهمة
قلة الاهتمام أو الاستمتاع بجميع أو معظم الأنشطة النوم المضطرب
قلة التركيز والاهتمام وضعف الذاكرة نقص الشهية وفقدان الوزن
نقص الاعتزاز بالذات والثقة بالنفس التخلف النفسي الحركي أو الهُياج النفسي
الأفكار المهلوسة التي تجعل الشخص يشعر بأنه لا يصلح لشيء وبأنه عديم الفائدة، أو يشعر بالذنب الصداع
فقدان الأمل والنظرة المتشائمة للمستقبل الأوجاع في العضلات والمفاصل

وبشكل أعمّ فإن العائد الذي يعاني من اضطراب اكتئابي يحمل مظاهر جسدية من قبيل الإعياء والصداع والألم والأوجاع في الجسم. ومدير الحالة، الذي يكون قد أُخبر سابقاً بالتشخيص، ليس له أن يتحرى الأعراض النفسانية أو الجسدية ولكن عليه أن يكون واعياً بأن وراء تلك الأعراض مرضاً نفسانياً. ومن المهم ألا يغيب عن الذهن أن مظاهر سلبية معينة إنّما هي مظاهر عادية: وما يجعلها جزءاً من الاضطراب العقلية هو تآلفها واجتماعها الذي يمكن أن يُقيَّما فقط من خلال مراجعة سريرية. ولتكييف المشورة والتواصل والسلوك تُقدم هنا بعض النصائح بخصوص مختلف مظاهر الاضطراب.

المظاهر النفسانية

الحزن والكآبة

قد لا يكون هذا الأمر واضحاً جداً عند الانطباع الأول. فبعض المصابين بالاكتئاب يُنكرون أنهم يشعرون بالحزن أو الكأبة ويمكن أن يقولوا إنهم بخير ولا بأس عليهم. وأحياناً لا يتحدثون إلا عن المشاكل الجسدية. وقد يكون آخرون مصابين بالاكتئاب بدرجة أنهم لا يشتكون إلا قليلاً ويظلون صامتين.

وغرفة المشورة يمكن أن تظل في حالة سكون إذ يكون العائد بشكل واضح في حالة بؤس. ومع ذلك يتعين على مدير الحالة، الذي يكون واعياً بهذا المظهر من مظاهر الاضطراب ألا يقلق أو ألا يحاول إرغام العائد المكتئب على الإحساس والشعور بشكل مختلف. فيمكن أن يكون ذلك مؤدياً إلى النتيجة العكسية ومضراً. وبإمكان مدير الحالة أن يتحدث بطريقة فيها مؤاساة وشيء من الحيوية والتفاؤل، معدّلاً الحوار ومدته بحسب قدرة العائد على الاستماع والفهم والتجاوب والتفاعل. وعلى مدير الحالة أن يتجنّب دعوة العائد إلى تكرار قصصه الأكثر إثارة للصدمة، إذا لم يكن ذلك ضرورياً. وبالإضافة إلى ذلك يُستحسن ألا يتناول مدير الحالة موضوعات تُخلّف أفكاراً اكتئابية مثل مسائل الفقدان بشكل عام، ووفاة أحد بشكل خاص، وخطر الإصابة بالمرض ومحنة المهاجر أو كيف يمكن أن يُلحق العائد الذي يعاني من اضطراب اكتئابي آذى بنفسه.

ولمدير الحالة أن يقترح على العائد اختيار مكان جلوسه وتقديم شيء ما يريحه مثل الماء، وأن يسأل العائد من حين لآخر عن أحواله وإذا ما إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يفعله لمساعدته.

ومن المهم للغاية التحلي بموقف تعاطف وليس موقف عطف(انظر التعاطف مقابل العطف).

قلة الاهتمام أو الاستمتاع في جميع، أو معظم، الأنشطة

لمدير الحالة أن يراعي كون العائد المكتئب قلق للغاية بخصوص نفسه ويشعر بالذنب بدرجة أنه قد يكون من غير المجدي وضع خطة إعادة إدماج على أساس الأنشطة التي يتذكر العائد (أو أسرته) بأنها ممتعة قبل أن يظهر الاضطراب. وما هو مفيد في هذه المرحلة التسليم بصعوبة الوضع والاستماع بعناية واهتمام ورسم خيارات إعادة الإدماج المتاحة، ولا سيما منها تلك التي لها صلة بالعناية بالاضطراب. وهذا هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يشد اهتمام العائد المكتئب في هذه المرحلة. ومن الممكن تشجيع القيام بأية أنشطة بسيطة بلطف دون إرغام العائد على أنشطة كانت ممتعة فيما مضى.

قلة التركيز ونقص الانتباه والذاكرة

الوظيفة الذهنية لدى الشخص المكتئب محدودة لأن جزءاً كبيراً من ذهنه منشغل بالقلق إزاء الصحة ومشاعر الذنب والشعور بانعدام الفائدة. وعلى مدير الحالة أن يراعي هذه المحدودية ويتفادى مناقشة موضوعات معقّدة وطرح أسئلة أكثر من اللزوم والتفكير المبهم والتعجّب إذا لم يتذكر العائد معلومات مقدمة حديثاً. وسيكون على مدير الحالة تكرار المعلومات والتوجيهات والتعليمات أكثر من مرة. وهذا لا يعني ضمنياً قصوراً إدراكياً وإنما يعني ببساطة أن عملية تجهيز العائد الذهني للمعلومات يستغرق وقتاً أطول. والمشورة يجب أن تركز على الاحتياجات الراهنة الأساسية: ما الذي يجب تقاسمه هو الاستعداد للمساعدة على إيجاد حل ملموس للحد من آثار الاضطراب. وهذا هو الأهم بالنسبة للعائد في هذه المرحلة.

نقص الاعتزاز بالنفس والثقة بالنفس

يشعر العائد الذي يعاني من اضطراب اكتئابي بالذنب بخصوص حالته الصحية: وهذا يُقلل إلى حد كبير من اعتزازه بالنفس وبالتالي أي ثقة في إمكانية أن تفيد إمكاناته الشخصية في شيء لأغراض إعادة إدماجه. وعلى الرغم من ذلك ليس من مهام مدير الحالة أن ينشغل بمشاعر العائد الداخلية ويغيّر تصوره للأمور. ومع ذلك يمكن أن يشجع مدير الحالة العائد عن طريق الإشادة بالجهود المبذولة تجاه إعادة الإدماج. وعند استنباط خطة إعادة الإدماج بإمكان مدير المهمة أن يُشرك الأسرة، إذا أمكن ذلك وبموافقة العائد. وأفراد الأسرة، بعد تلقيهم المعلومات الأساسية عن الاضطراب، بإمكانهم المساعدة على خلق جوّ يتميز بالسلامة والأمن، الأمر الذي هو أساسي إلى جانب الدعم النفساني أو أي دواء، لبدء عملية التعافي.

أفكار شعور العائد بأنه عديم الفائدة وعديم المنفعة أو شعوره بالذنب

يتشبّث العائد الذي يعاني من اضطراب اكتئابي بآرائه المقيّدة له والتي مفادها أنه هو المسؤول الوحيد عن وضعه، وهذا يجعله يشعر بأنه عالق في نفق من الندم والعتاب واتهام النفس. وهنا أيضاً ليس لمدير الحالة الذي يكون على وعي بهذه الخاصية المميزة للاضطراب أن يطعن في أفكار العائد وإنما عليه أن يبين أنه يكترث ويسلّم بالمحنة ويعمل كسند ويعمل على خلق سياق يكون فيه التعافي ممكناً.

الشعور بفقدان الأمل والنظرة المتشائمة إلى المستقبل

على مدير الحالة أن يتفادى استنباط خطط إعادة إدماج مفرطة الطموح أو لا يمكن تحقيقها، ذلك أن هذه الخطط قد تفشل على الأرجح. والمهم أكثر من كل شيء في هذه المرحلة هو الإحاطة علماً بأفكار العائد وإحالته إلى مهني متخصص في الصحة العقلية.

المظاهر الجسدية

الإعياء أو فقدان الحيوية

على مدير الحالة أن يأخذ بعين الاعتبار هذا النوع من أعراض الاضطراب الاكتئابي الأكثر شيوعاً ويُعدّل مدة المقابلة لأغراض المشورة وفقاً لقدرة العائد على البقاء في وضعية الجلوس والاستماع والفهم والتفاعل. وقد يبدو العائد متقلقاً وخاملاً: وهذا المظهر هو فقط نتيجة لقلة الحيوية. ومدة المقابلة لأغراض المشورة من المحتمل بالتالي أن تكون محدودة أكثر من المعتاد ويُتفق عليها إذا أمكن مع العائد. ومن الأساسي تكييف احتياجات العائد وإمكاناته الراهنة وعدم إرغام العائد على التكيف مع المشورة. وبإمكان مدير الحالة أن يتأكد من حين لآخر مع العائد مما إذا كان من الممكن المواصلة أو ما إذا كان من الأفضل التوقف والمواصلة في جلسة لاحقة.

النوم المضطرب

هذا المظهر المعتاد المألوف من مظاهر الاضطراب لا يعني فقط أن العائد الذي يعاني من اضطراب اكتئابي لا ينام أو يجد صعوبة في النوم. بل يمكن أن يعني العكس أيضاً: يمكن أن يأتي العائد إلى جلسة المشورة وهو نعسان وقد يغلبه النعاس وهو يتكلم. وبطبيعة الحال لا يمكن لوم العائد على هذا التصرف. ومدير الحالة الذي يكون على وعي بذلك يعدّل مدة المشورة ويكيّفها وفقاً لقدرة العائد الفعلية على الإنصات والفهم والتفاعل وفقاً لذلك. ويجب اقتراح فترات استراحة متواترة وتنظيم جلسات متعددة أقصر كحل بديل. ومن الأهمية بمكان التأكد في جميع الأحوال مع العائد وأسرته، متى كان ذلك وجيهاً، مما إذا كان الطبيب قد أُخبر بالنوم المضطرب. وبإمكان مدير الحالة أن يُذكر العائد بأهمية التقيد بأية وصفة طبية.

نقص الشهية وفقدان الوزن

يجب أن يكون مدير الحالة واعياً بأن فقدان الوزن يمكن أن يرجع سببه إلى سوء التغذية أو إلى اعتلال جسدي، والعكس يمكن أن يكون صحيحاً أيضاً: زيادة الوزن والشهية.

التخلّف النفسي الحركي أو الهياج النفسي

قد يلاحظ مدير الحالة أن العائد الذي يعاني من اضطراب اكتئابي يتحرك ببطء وتبدو عليه علامات تردد وهو يقوم بحركات بسيطة (مثل تناول كأس ماء أو الوقوف بعد الجلوس إلى الكرسي، ودخول الغرفة أو مغادرتها) أو أنه يبدو، على العكس من ذلك، متوتراً. وإذا كان الحال كذلك يُقدم مدير الحالة الدعم المباشر ويساعد العائد على الجلوس والوقوف والتنقل داخل مباني المنظمة. ويعمل مدير الحالة على وضع خطة لإعادة الإدماج وفقاً لذلك.

الصُداع وأوجاع العضلات والمفاصل

هذه أعراض جسدية شائعة لدى الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب. وقد يلاحظ مدير الحالة لدى العائد تقلصاً في العضلات وصعوبة في البقاء في وضعية جلوس والتكشير من شدة الأوجاع. وعليه أن يريح العائد باقتراح أن يختار الجلوس ويقدم مواساة عملية وفترات استراحة.

إذا ما لاحظ مدير الحالة لدى العائد أي تغيّر مفاجئ في المزاج أو سلوك عدائي بصرف النظر عن التركيز أو إذا ما أفصح العائد عن أية أفكار انتحارية لا بد من إحالة العائد فوراً إلى طبيب.

ومن الأهمية بمكان تكرار أن موقف مدير الحالة وطريقة كلامه لهما تأثير هام على العائد المتلقي للمشورة. وهذا التأثير يمكن أن يكون إما إيجابياً أو سلبياً. ويكون التأثير إيجابياً عندما يتم التسليم بالاضطراب ومراعاته ومعالجته بكرامة وعدم التقليل من شأنه. ويكون سلبياً عندما تُصمم إجراءات مباشرة أو غير مباشرة لفرض تغيير المزاج. فالشخص الذي يعاني من اضطراب اكتئابي يظن أن مزاجه ووضعه لن يتغيرا أبداً: ومن المهم تذكّر أن هذا التفكير هو واحد من أعراض المرض.

التواصل مع المهاجرين الذين يعانون من اضطراب اكتئابي

الأشخاص الذين يعانون من اضطراب اكتئابي غالباً ما يشعرون بأنهم منعزلون جداً، وذلك حتى إذا كان هناك أناس حولهم. ومن المهم التقليل من عزلة الشخص المصاب بالاكتئاب وعدم فرض التكيّف مع المجتمع. وهذا هو السبب لإشراك الأسرة والمجتمع المحلي في دعم العائد المتأثر بالاضطراب الاكتئابي.

والأشخاص شديدو الاكتئاب يشعرون بأنهم "مخطئون" ويمكن أن يستجيبوا سلباً لأي شيء يُقال لهم. ومن المهم عدم الشعور بالإحباط أو أخذ الردود مأخذاً شخصياً عندما لا يكون المهاجرون المتأثرون عدوانيين أو عدائيين أو منعكفين.

ولكي تكون عملية المشورة مفيدة ليس من الضروري فهم ما يمر به المهاجر الذي يعاني من اضطراب اكتئابي: فأي محاولة لإبداء التفهّم قد تبدو غير صادقة. ومن المهم تذكّر أن الاضطراب الاكتئابي يمكن أن يُقلّل من القدرة على تكوين الكلمات والعبارات، لذلك فإنه من الشائع أن يجد مدير الحالة نفسه أمام محادثة في اتجاه واحد..

إذا ما تحدث المهاجر الذي يعاني من اضطراب اكتئابي عن أفكار انتحارية أو إذا ارتأى مدير الحالة أن المهاجر تراوده أفكار انتحارية يكون من الضروري إحالته فوراً إلى أخصائي في الأمراض النفسية أو إلى طبيب.

وبإمكان مديري الحالات استخدام بعض النصائح عندما يتحدثون إلى شخص يعاني من الاكتئاب:

• أولاً وقبل كل شيء من الأساسي التسليم بالاضطراب متى أصبح معروفاً وعدم التقليل من شأنه.
"أنا أعرف أنك تواجه صعوبات وأعرف أيضاً أن هذا الأمر صعب. فالذنب ليس ذنبك. هل هناك أي شيء يمكن أن أفعله لمساعدتك؟"

• جعل الشخص يشعر بالراحة وهو يتحدث عن مشاعره.
"إذا ما أردت أن تحدثني سأكون سعيداً بالاستماع والتفكير معك في الكيفية التي يمكن لي أن أكون بها قادراً على مساعدتك."

من الأساسي استخدام أساليب الإنصات الهادف، ولكن يجب بشكل خاص استخدام جملة قصيرة وملموسة.

  • يوصى بشرح أن هناك حلولاً عديدة متعددة من قبيل التداوي والدعم النفساني والعلاج النفسي وزيادة شرح عناصر العلاج:
    "سيساعدك الطبيب وسيعطيك دواء يجعلك تشعر بتحسّن."

  • إعطاء الشخص الأمل وأن حالته ستتغير.
    "صدق أو لا تصدق أنا على ثقة من أن حالتك ستتحسّن."

عند التحدث إلى مهاجر يعاني من اضطراب اكتئابي يمكن أن تفضي بعض الملاحظات إلى النتيجة العكسية ويجب تفاديها:

  • “"كلنا نتعرّض لمتاعب وصعوبات ..."

  • "ابتهج!" أو "ابتسم!"

  • "كفاك التحسّر على نفسك!"

  • "ما تحتاج إليه هو أن تصبح أكثر نشاطاً وتجد شيئاً ما تفعله أو صديقاً!"

  • "تذكّر: الحياة حلوة وأنت على قيد الحياة!"

  • "نحن دائماً مسؤولون عمّا يحدث لنا."

إن جميع التعليقات أعلاه يُحتمل أن تزيد العائد الذي يعاني من الاضطراب إحباطاً لأنه لا يعرف الكثير عن الاكتئاب. ومديرو حالات عديدون يلجؤون إلى عبارات كهذه لأنهم ليست لديهم خبرة مباشرة أو غير مباشرة في مجال الاكتئاب. ومن الأساسي عدم محاولة حلّ المشكلة ولكن من المفيد في جميع الأحوال تذكير الشخص الذي يعاني من اضطراب اكتئابي بأهمية التداوي والتقيد بالعلاج.

المشورة النفسانية

كما سبقت الإشارة إلى ذلك فإن المهنيين المدربين وحدهم بإمكانهم أن يوفروا المشورة النفسانية التي يمكن، في حالة الاضطراب الاكتئابي، أن تساعد إذا كانت المظاهر خفيفة أو متوسطة وإذا كان هناك عامل إجهاد نفسي – اجتماعي (سبب واضح).

إذا لم يكن هناك أطباء نفس أو مستشارون يتعين على مدير الحالة المعني بإعادة الإدماج إحالة العائد إلى الطبيب. ويكون من المفيد جداً أن يرى الشخص الذي يعاني من اكتئاب أن أشخاصاً يدعمونه.

الدعم النفسي – الاجتماعي على المستوى الفردي

يمكن أن تساعد تدخلات الدعم النفسي – الاجتماعي المهاجر العائد على: 

  • أن يكون واعياً بمشكلته؛

  • أن يكون واعياً بفرص ومخاطر إعادة الإدماج؛

  • التخفيف من حدة الشعور بالذنب؛

  • التقليل من شعور المهاجر العائد بأن ما يحدث له "غَبن"؛

  • زيادة الاعتزاز بالنفس؛

  • التقليل من الشعور بالوصم؛

  • الاندماج في المجتمع المحلي.

الدعم النفسي – الاجتماعي على مستوى الأسرة

يجب إشراك الأسرة متى أمكن ذلك. ويمكن أن يساعد مدير الحالة الأسرة على:

  • التعرّف إلى وضع الأقارب الصحي؛

  • تحديد فرد الأسرة الذي يثق به المهاجر العائد أكثر من غيره ويمكن أن يتولى رعايته؛

  • الإيعاز بعدم إرغام الأسرة للشخص المعني على القيام بأي شيء وإنما دعوته إلى استئناف أنشطة كان في السابق يجدها ممتعة؛

  • تحديد الأنشطة الاجتماعية الصغيرة لكن بدون فرض المشاركة؛

  • مناقشة أهمية التداوي والتقيد به؛

  • وجود تدريب مهني وعمل في بيئة محمية.

الدعم النفسي – الاجتماعي على مستوى المجتمع المحلي

من الأهمية بمكان مساعدة المجتمع المحلي على فهم الاعتلال بمعلومات بسيطة. ويمكن القيام بهذه العملية من خلال قادة المجتمع المحلي وإشراك الأسرة. ومن شأن الإحاطة الإعلامية الجماعية التي يشارك في إجرائها مدير الحالة وقائد المجتمع المحلي (والطبيب متى أمكن ذلك) بحضور الأسرة ولكن ليس بالضرورة بحضور المهاجر المعتلّ الصحة، أن تمثّل ممارسة جيدة. وتستهدف هذه الإحاطة الإعلامية الوصم وتخلق محيطاً جماعياً داعماً حول الشخص المعني.

هاء.3 الاضطرابات الذُهانية

الاضطرابات الذُهانية هي حالات ذهنية تتميز بفقدان الصلة بالواقع، والشخص المعني يكون واعياً ويقظاً ولكن كما لو كان يعيش في واقع مختلف لا يعلم به أحد سواه. والشخص ليس في حالة حُلم وإنما يؤمن إيماناً راسخاً بما يقوله.

أمثلة:

يربط الشخص بين أشياء لا يربط بينها أي شيء عادة وينتقل من شيء لآخر، كما هو الحال في المثال التالي:

  • مدير الحالة: "هل لك أن تذكر لي اسمك؟"

  • الشخص المعني: "اسمي؟ اسمي أكرم. أكرم متزوج. هل أنت متزوج؟ الزواج شيء حسن . هل تريد أن تتزوجني؟"

بداية جملة تنطلق في اتجاه معين ولكن قبل حتى أن تنتهي الجملة ينصرف الشخص المعني في اتجاه آخر:

  • مدير الحالة: "أين تسكن؟"

  • الشخص المعني: "أسكن في قرية موندي. موندي. موندي أزرق. فرايدي أسود."


في المثال التالي الجملة غامضة. يستخدم الشخص ألفاظاً من تأليفه واختراعه. والألفاظ لا تعني شيئاً بالنسبة للشخص الذي يستمع له.

  • مدير الحالة: "ما اسمك؟"

  • الشخص المعني: "ترا بي بي. تا تا تا"

وأسباب الاضطرابات الذُهانية غير معروفة ولكن هناك عدة عوامل خطر تؤدي إلى الإصابة بها. وفيما يلي بعض عوامل الخطر:

عوامل بيولوجية عوامل نفسانية عوامل اجتماعية
  • هشاشة وراثية
  • تعاطي المؤثرات العقلية من قبيل القِنّب
  • تعقيدات أثناء فترة الحمل
  • عاهات وإصابات في الدماغ
  • مشاكل في النمو العصبي
  • أحداث مُكربة في حياة الفرد
  • محيط عائلي مضطرب
  • تجارب مؤلمة
  • التعرّض لاعتداء جنسي
  • الفجيعة
  • التشرد
  • الاحتجاز
  • مشاهدة حادثة عنف
  • التعرض للعنف

لكن عاملاً واحداً من عوامل الخطر هذه لا يكفي وحده لتفسير إصابة الشخص باضطراب ذُهاني. والأرجح أن في الأمر عوامل متعددة.

وكما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل فإن الشخص يكون واعياً لكنه يعيش هلاوس وأوهاماً واضطرابات في التفكير، بما يعني أنه يعتقد أن شيئاً ما موجود في حين أنه لا وجود له. ويمكن أن تكون مظاهر إضافية حاضرة أيضاً مثل العُزلة أو الهُياج أو السلوك غير المنظّم.

مظاهر الاضطراب الذُهاني

الهلاوس

عندما يكون شخص ما مهلوساً فإنه يرى أو يسمع أشياء لا صلة لها بالواقع ولكنه يكون مقتنعاً بأنها حقيقة. ومن أمثلة ذلك ما يلي:

  • سماع أشياء لا يسمعها أحد غير الشخص المعني؛

  • أن يسمع الشخص أصواتاً تتحدث معه ويعلق عليها؛

  • أصوات خيالية؛

  • أصوات غريبة أو موسيقى تأتي من أماكن مجهولة؛

  • رؤية أشياء أو أشخاص لا يراها أحد غيره.

وأحياناً يلتزم الشخص المعني الصمت حول هذه الأمور لأنه يدرك أن الأشخاص الآخرين لن يصدقوه. لكن أحياناً يتجاوب الشخص مع الهلاوس كما لو كانت حقيقية. مثلاً، يمكن أن يتكلم أو يصرخ رداً على شخص غير موجود في الواقع.

ويتعين على مدير الحالة، عندما يواجه تصرفات شفوية من هذا القبيل، أن يحافظ على هدوئه ويتصرف بشكل طبيعي ويجب ألا يعارض العائد. وعليه أن ينصت باهتمام. والهدف من ذلك تفادي تصعيد عاطفي وأزمة حادة. وفي حالة السلوك العدواني، اللفظي أو الجسدي، أو الأفعال المؤذية بالنفس، على مدير الحالة أن يطلب المساعدة ويحيل العائد فوراً إلى أخصائي في الأمراض النفسية، ولربما أيضاً بمساعدة الشرطة.

الأوهام

الأوهام هي أفكار خاطئة لا يتقاسمها أحد في محيط الشخص المعني. والشخص المتوهّم على يقين من أن أفكاره هي الحقيقة، وذلك حتى إذا كانت هناك علامات تدل على أنه مخطئ. ويتمادى الشخص المعني في الإيمان بهذه الأفكار.

وهذه الأعراض تحيل إلى فحوى الأفكار (ما يفكر فيه الشخص المعني). ومن أمثلة ذلك ما يلي:

  • اعتقاد العائد أن أشخاصاً يحاولون قتله، حتى وإن لم يكن هناك أي دليل لإثبات هذا الاعتقاد.

  • اعتقاد أن الجميع، في الشارع أو على أمواج الإذاعة وقنوات التلفزيون أو على الإنترنت، يتحدثون عنهم.

  • اعتقاد أن أشخاصاً قد ركّبوا داخلهم أجهزة إرسال بحيث يمكن لأي أحد آخر أن يتتبّع كل ما يقومون به.

  • كون الشخص على يقين من أنه مصاب بعلة قاتلة دون أية أدلة إكلينيكية.

  • اعتقاد أنه شهير أو غني جداً في حين أن الجميع يعلم أن ذلك غير صحيح.

يتعين على مدير الحالة أن يتصرف تصرفاً طبيعياً وأن يطمئن بلطف العائد الذي قد يكون، في هذه المرحلة، مضطرباً ويشعر بالكرب. وبإمكان مدير الحالة أن يبين له بهدوء وجود واقع مختلف وآمن مؤكداً للعائد أن لا أحد له نوايا سيئة تجاهه ولا أحد يراقبه ويتتبّعه من الداخل.

اضطرابات الفكر

تتميز هذه الاضطرابات بكون الشخص يقول كلاماً لا يمكن أن يفهمه أحد غيره أو لا يمكن لأحد غيره تتبّع طريقة تفكيره. ويبدو أنه لا وجود لأي منطق وراء ما يقوله. وأحياناً يمكن حتى أن يتحدث الشخص المعني ويقول كلاماً لا معنى له إطلاقاً باستخدام عبارات من تأليفه أو جمل غير مفيدة.

ونتيجة للاضطراب الذُهاني يمكن أن يكون الشخص على يقين من أن أفكاره لا تصدر عن ذهنه وإنما "وضعها بذهنه" أشخاص آخرون بالحرف الواحد. أو يمكن أيضاً أن يظن الشخص المعني أن أفكاره "سرقها" أشخاص آخرون وأزاحوها من ذهنهم لنشرها، مثلاً، على أمواج الإذاعة أو ليقرأها أشخاص آخرون. وهذه أمثلة نادرة لكن إذا ما حدثت يمكن أن يكون من شبه المؤكد أن الفرد يشكو من ذُهان حاد يُعرف بالفُصام.

الفُصام.  هو اضطراب ذهني طويل الأمد من نوع ينطوي على انهيار في الصلة بين الفكر والعاطفة والسلوك بما يؤدي إلى إدراك خاطئ وإجراءات ومشاعر غير ملائمة، والانفصال عن الواقع والعلاقات الشخصية والدخول في تخيّلات وأوهام وشعور بالتفتّت الذهني (مطابع جامعة أوكسفورد، 2018).

ومن الموصى به عدم معارضة العائد ولكن الاستماع له باهتمام مع تكرار أن السبب الوحيد للتواجد هو مساعدته.

والاضطرابات الذُهانية التي تؤثر بشكل خطير على الذهن تُظهر أيضاً أعراضاً سلوكية من قبيل ما يلي:

العُزلة والهُياج والسلوك غير المنظّم

السلوك الذُهاني فوضوي وغير منظّم. ولا يوجد سبب واضح لتصرفات الشخص. من أمثلة ذلك ما يلي:

  • جمع الزبالة أو أشياء لا قيمة لها أو الاحتفاظ بهذه الأشياء؛

  • ارتداء ملابس بشكل غريب أو بطريقة غير ملائمة؛

  • تحطيم الأشياء دون إدراك ما الذي يحدث؛

  • الجلوس بلا حراك لفترة طويلة من الزمن؛

  • تحدث الشخص إلى نفسه والضحك فجأة (في حين أنه لم يحصل أي شيء مضحك) أو الابتسام لدى رواية أحداث محزنة؛

  • الصراخ بدون أي سبب واضح؛

  • التشكي الجسدي المستحيل أو غير المألوف من قبيل الشعور بوجود حية في الدماغ أو حيوان في الجسد أو غياب أعضاء من أعضاء الجسد؛

  • عدم إظهار أية مشاعر عندما يحدث شيء ما يثير عادة مشاعر قوية، مثل تلقي هدية أو أنباء غير سارة؛

  • إظهار اللامبالاة تجاه أشياء هي عادة هامة، مثل الغذاء واللباس والمال؛

  • العزلة الاجتماعية وإهمال المسؤوليات العادية ذات الصلة بالعمل أو الدراسة أو الأنشطة المنزلية أو الاجتماعية.

وكإجراء تحوطي يوصى بإزالة جميع الأشياء التي يمكن أن تُستخدم لإيذاء النفس أو الإضرار بها من الغرفة. ومن المهم مراعاة كون بعض المظاهر السلبية عادية: مما يجعل هذه الأعراض مؤشرات على اضطراب ذهني أو اجتماعها معاً، الأمر الذي لا يمكن أن يُقيَّم إلا من خلال مقابلة إكلينيكية.

التواصل مع العائدين الذين يعانون من اضطراب ذُهاني

التواصل الفعال هام بشكل خاص عندما يكون الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ذُهاني متخوفين يجتاحهم بسهولة محيطهم الخارجي وتغمرهم أفكارهم ومشاعرهم الداخلية.

ولجعلهم يشعرون بالأمان ولحسن التعامل معهم من الأهمية بمكان التصرف معهم بشكل طبيعي وباحترام.

وكاقتراح للتواصل الفعال يوصى بالتحدث بهدوء ووضوح وبساطة وتركيب جمل قصيرة بحيث لا تكون مفرطة التعقيد وانتظار التأكد من أن الشخص يفهم ما نُقل إليه. ومن الأساسي بمكان التحلي بالتفهّم وليس بالتعالي والنقد. ويجب تفادي المواجهة ويجب تقبّل الأفكار المُعرب عنها واحترامها حتى وإن لم تكن منطقية. ومن المهم عدم الدفع بالعائد إلى حالات لا تكون مريحة وتفادي أية مشادة مع العائد أو مع أشخاص آخرين بحضوره.

والأهم هو التحلي بالصبر لإقامة علاقة جيدة: يمكن أن يكون ذلك صعباً بسبب طبيعة المرض ولكن ليس أمراً مستحيلاً على الإطلاق. ومن وجهة نظر مدير الحالة من المهم وضع خطط تتميز بالواقعية، ولا سيما بالنسبة للعائدين المصابين بأمراض بالغة الخطورة، وتكون مقبولة من الفرد ومن يتولون رعايته. ومن الضروري، بطبيعة الحال، إحالة العائدين الذين تبدو عليهم الأعراض الوارد وصفها أعلاه أو الذين تم من قبل تشخيصهم بأنه مصابون باضطراب ذُهاني إلى أخصائي في الأمراض العقلية، إذا كان ذلك ممكناً، أو إلى طبيب في الطب العام.

في حالة الأزمة الذُهانية الحادة

إن الأزمة ممكنة في جميع الأحوال بالنسبة للشخص المصاب باضطراب ذُهاني. ويحدث ذلك عندما يكون ضغط الأفكار مفرطاً ولا يكون الشخص قادراً على مواجهة واقعه. وهو شديد التخوّف ممّا هو بداخله أو بخارجه وقد يحاول حتى الدفاع عن نفسه مظهراً سلوكاً عدوانياً. وإذا حدث ذلك من المهم التزام الهدوء واعتبار أن تلك الحادثة عادية في الظروف القائمة وهي نتيجة للاضطراب الذُهاني. وقد يصرخ الشخص المعني وقد يكون سريع الانفعال: ولا بد لمدير الحالة أن يلتزم الهدوء متفادياً التهكم أو السخرية. والتواصل البصري المستمر يجب تفاديه لأنه قد يُفسّر كعلامة سلوك عدواني. ومن الأفضل أن يجلس مدير الحالة ويدعو الشخص المعني إلى الجلوس هو الآخر: وإذا لم يرغب الشخص المعني في ذلك يظل مدير الحالة جالساً. ومن الأساسي إحالة الشخص فوراً إلى أخصائي في الأمراض العقلية، إذا أمكن ذلك، أو إلى طبيب في الطب العام. وفي حالة السلوك العدواني، اللفظي أو الجسدي، أو في حالة الأفعال المؤذية للنفس، على مدير الحالة أن يطلب مساعدة عاجلة متفادياً محاولة إدارة الحالة بمفرده.

يجب أن يكون مدير الحالة واعياً بأن إسداء المشورة لشخص مصاب باضطراب ذُهاني يمكن أن يخلق مشاعر قوية جداً. فالشخص المعني يمكن أن يُحس بما يلي:

  • الانزعاج

  • العجز والإحباط

  • القلق الشديد

  • الغضب

  • الجزع أو الصدمة

  • المعنويات المنخفضة أو الحزن

  • السلوك الحذر بشكل مفرط

  • عدم اليقين

  • الشعور بالذنب

وهذه انفعالات عادية تجاه حالة عاطفية شديدة. ومع ذلك، إذا ما أثّرت هذه الانفعالات في الأداء المهني في الأجل الطويل بل ربما أيضاً حتى إذا نالت منه، يوصى بطلب الدعم (مثلاً في شكل شبكة بين النظراء أو الإرشاد أو مساعدة المهنيين المحترفين).

الدعم النفسي – الاجتماعي على المستوى العائلي

تعاون الأسرة أساسي، متى أمكن ذلك، في إدارة الحياة اليومية للشخص الذي يعاني من اضطراب ذُهاني. وعلى مدير الحالة القيام بالمهام التالية:

  • الإيعاز إلى الأسرة بأن سلوك المريض الغريب وهيجانه السبب فيهما هو الاضطراب الذُهاني؛

  • مناقشة أهمية التداوي والتقيد به؛

  • إخبار أفراد الأسرة بأهمية التقليل من الإجهاد إلى أقصى حد، مثلاً بتفادي المواجهات أو النقد واحترام أفكار الشخص حتى إذا بدت غير منطقية؛

  • إخبار أفراد الأسرة بأنه عندما تكون الأعراض حادة يمكن أن تكون الراحة والعزلة مفيدتين؛

  • التوصية بحياة يومية منظمة: نفس النمط كل يوم يساعد المريض على الشعور بالأمان؛

  • اقتراح القيام بأنشطة تساعد على إلهاء الشخص عن تفكيره وجعله عوضاً عن ذلك يشعر بالقيمة والأهمية؛

  • التشجيع على إيجاد عمل مناسب للفرد المعني. والتدريب العملي أو المهني والعمل في بيئة محمية يساعدان أيضاً.

الدعم النفسي – الاجتماعي على مستوى المجتمع المحلي

كما هو الحال بالنسبة للاضطرابات الاكتئابية من المهم مساعدة المجتمع المحلي على فهم الاضطراب الذُهاني من خلال تقديم المعلومات الأساسية. وهذه العملية يمكن أن تتم من خلال قادة المجتمع المحلي ومشاركة الأسرة. ومن شأن الإحاطة الإعلامية الجماعية التي يشارك فيها مدير الحالة وقائد المجتمع المحلي (والطبيب متى أمكن ذلك) بحضور الأسرة، ولكن ليس بالضرورة حضور المهاجر الذي يعاني من الاضطراب، أن تمثّل ممارسة جيدة. فمن شأنها أن تستهدف الوصم وتخلق بيئة داعمة جماعية حول الفرد المعني.

هاء.4 الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة

يتم تشخيص الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة عندما يكون الأشخاص قد واجهوا حادثة خطيرة أو سلسلة من الأحداث الخطيرة ويظلون يبدون ظواهر عاطفية ونفسية وجسدية بعد الأحداث بعدة أشهر. ويمكن أن يشمل ذلك الكوابيس والأفكار الدخيلة وردود الفعل المحيّرة وذكريات الماضي التي تعيق، بدرجات متفاوتة، سير الأمور اليومي لمدة طويلة من الزمن. وفي حين أن معظم أعراض الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة ردود فعل عادية على أحداث خطيرة إلا أنها تتطور لتصبح اضطراباً ذهنياً عندما تمتد لفترة طويلة وتكون انفعالية للغاية. ومن المهم تأكيد أنه ما كل شخص يكون قد واجه حدثاً خطيراً، أياً كانت حدته وخطورته، عُرضة للإصابة بالاضطراب النفسي اللاحق للصدمة. وذلك يحدث في الواقع فقط لأقلية صغيرة من الأشخاص المعنيين. فمعظم الأشخاص الذين يشهدون أحداثاً مُخلفة لصدمة قد يشهدون مؤقتاً صعوبة في المواكبة والتكيّف، ولكن يتعافون عادة بمر الزمن والرعاية الذاتية الجيدة. وبالإضافة إلى ذلك فإن الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة هو عادة اضطراب معتدل إلى متوسط، والمظاهر الحادة التي تحول دون عيش حياة عادية تماماً إنما هي ظواهر عارضة. والمظاهر الرئيسية للاضطراب النفسي اللاحق للصدمة يمكن تصنيفها في ثلاث مجموعات تفاعلات رئيسية:

استحضار الأحداث المسبّبة للصدمة تفادي المسبّبات اليقظة المفرطة
الكوابيس الحالات التي تذكّر بالحادثة أو بالأشخاص المتورطين، ولا سيما الجناة "التيقظّ الحذر"
الذكريات المتسبّبة في الكرب قلة الاهتمام والتقوقع صعوبة النوم
الشعور بالقلق الشديد الشعور بالانقطاع عن الآخرين ثورات الغضب، سرعة الانفعال
الشعور بالخوف الشديد للغاية الشعور بالانقطاع عن العالم صعوبة التركيز أو التفكير بوضوح
استحضار صور الماضي كبح المشاعر ردود الفعل المذعورة بشكل مبالغ فيه
الأفكار الدخيلة صعوبة التذكّر نوبات الذعر

من المهم مراعاة كون بعض المظاهر السلبية عادية: مما يجعلها جزءاً من الاضطراب الذُهاني هو ائتلافها واجتماعها، الأمر الذي يمكن تقييمه فقط من خلال مقابلة إكيلينيكية.

التواصل مع المهاجرين العائدين الذين يعانون من اضطراب نفسي لاحق للصدمة

عند إسداء المشورة لعائد يعاني من اضطراب نفسي لاحق للصدمة يتعين على مدير الحالة أن يقوم أولاً بطمأنة العائد بأنه في محيط آمن. ويجب دعوة الشخص للجلوس في القاعة في وضعية قبالة الباب مُديراً ظهره إلى الحائط (أن يكون الباب أو الشباك خلف كتِفيّ الشخص يمكن أن يتسبّب في تفاعلات قلق). ويجب ألا يجلس مدير الحالة خلف مكتبه وإنما قُبالة العائد في وضعية استرخاء بالقرب من كرسي العائد، وذلك لكي يُظهر للعائد أنه ليس لديه أي شيء يخفيه. ومن المهم التقليل من الكرب المحيط بالمهاجر العائد الذي يعاني من اضطراب نفسي لاحق للصدمة لأن مستوى الكرب المرتفع يجعله أسرع عرضة للتأثر بأي علامة لا يمكن توقعها – كضجيج أو ضوء أو شيء ما – يمكن أن يتسبّب في انفعال عاطفي شديد. وفي هذه الحالة يعيش العائد من جديد الأحداث المفجعة: الواقع الراهن لا وجود له وما يشهده العائد هو نفس واقع الصدمة ويتألف من الروائح والألوان والأصوات في تلك اللحظة المعينة. ويجب أن يكون مدير الحالة مدركاً لكون العائد قد يرفض دخول غرفة ما دون أن يعطي أي سبب: ومن الأهمية بمكان عدم إجبار العائد على اقتراح بديل. فأية أشياء أو أوضاع أو أشخاص قد تكون لها صلة بالأحداث المتسببة في الصدمة تُحدث ردة فعل قوية.

ومن الأساسي عدم إرغام العائد على التحدث عن تجاربه المؤلمة. ومن المفيد استخدام لغة بسيطة، لأنّ ذلك يخلق جواً من الثقة ويشجع التمكين. ويجب طرح السؤال لمعرفة ما الذي يجعل الشخص مرتاحاً. كما يجب مراعاة احتياجاته وطرق تفاعله وعدم اعتبارها غريبة أو غير منطقية.

ولدى الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي لاحق للصدمة نزعة إلى تكرار قصصه وتجاربه: من المهم قبول ذلك وعدم المقاطعة. ويوصى بطرح السؤال على العائد لمعرفة ما إذا كان يحتاج إلى فترات استراحة وما إذا كانت جلسة إسداء المشورة مرهقة.

إذا حدثت أزمة في شكل انفعال عاطفي شديد جداً (قد يقف العائد فجأة أو يغادر الغرفة أو يجد صعوبة في التنفس أو قد يُغمى عليه)، من الأساسي التزام الهدوء والوقوف وراء الشخص وتكرار أنه في حالة آمنة وطرح السؤال لمعرفة الكيفية التي يمكن بها مساعدته. ويمكن أن يسأل مدير الحالة الشخص المعني عمّا إذا كانت معه أدوية عند الحاجة. وفي الأثناء يوصى بالاتصال بطبيب وبأحد أفراد الأسرة أو بمقدّم الرعاية أو بمرشد أو نظير داعم.

الدعم النفسي – الاجتماعي على المستوى الفردي

تدخّلات الدعم النفسي – الاجتماعي في سياق الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة يمكن أن تساعد المهاجر العائد على ما يلي:

  • خلق إحساس بالسلامة والأمن؛

  • خلق حدود في السياق الذي يهمّه؛

  • التركيز على الحاضر والمستقبل، والتركيز أقل على الماضي؛

  • الإحساس بالتحكّم في الأمور؛

  • الاندماج في المجتمع المحلي.

الدعم النفسي – الاجتماعي على المستوى العائلي

تعاون الأسرة هام لدى دعم شخص يعاني من اضطراب نفسي لاحق للصدمة. وعلى مدير الحالة القيام بالمهام التالية:

  • إخبار الأسرة بالحالة العقلية للعائد ومظاهرها؛

  • مناقشة أهمية التداوي والتقيّد به؛

  • إخبار الأسرة بأهمية التقليل إلى أدنى حد ممكن من الإجهاد، مثلاً فيما يتصل بحدود الشخص المعني؛

  • إخبار الأسرة بأنه في حالة حدوث نوبة عليهم التزام الهدوء وطلب المساعدة؛

  • اقتراح إيجاد أنشطة تساعد الشخص على التركيز على الحاضر والمستقبل وتجعله يشعر بالأهمية؛

  • تشجيع أفراد الأسرة على إيجاد عمل ملائم للعائد. والتدريب العملي أو المهني والعمل في بيئة محمية أمران يمكن أن يساعدا كثيراً.

الدعم النفسي – الاجتماعي على مستوى المجتمع المحلي

كما هو الحال بالنسبة للاضطرابات الأخرى المشار إليها، من الأهمية بمكان مساعدة المجتمع المحلي على فهم الاضطراب النفسي اللاحق للصدمة بتقديم معلومات أساسية. ويمكن القيام بهذه العملية من خلال قادة المجتمع المحلي ومشاركة الأسرة. والإحاطة الإعلامية الجماعية الموجزة التي يجريها مدير الحالة وقائد المجتمع المحلي (والطبيب متى أمكن ذلك) بحضور الأسرة ولكن ليس بالضرورة بحضور المهاجر المصاب بالاضطراب النفسي اللاحق للصدمة، يمكن أن تمثل ممارسة جيدة. فسوف تستهدف الوصمة وستخلق بيئة داعمة جماعية محيطة بالفرد المعني.

86  Priebe, S., D. Giacco and R. El-Nagib, Public health aspects of mental health among migrants and refugees: a review of the evidence on mental health care for refugees, asylum seekers and irregular migrants in the WHO European Region. Health Evidence Network synthesis report 47 (WHO, Copenhagen, 2016). 

87 Ottisova, L., S. Hemmings, L.M. Howard, C. Zimmerman and S. Oram, Prevalence and risk of violence and the mental, physical and sexual health problems associated with human trafficking: an updated systematic review. Epidemeology and Psychiatric Sciences, Aug;25(4):317–41 (2016).

88 Schininá, G. and T.E Zanghellini, Internal and International Migration and its Impact on the Mental Health of Migrants. In: Moussaoui D., D. Bhugra, A. Ventriglio (eds) Mental Health and Illness in Migration. Mental Health and Illness Worldwide (Springer, Singapore, 2018). 

89  يُشار هنا إلى ما يُعرف في معظم أحكام التشريعات الوطنية بـ "قانون الأهلية العقلية". وهذا القانون يُحدد أنواع الأمراض العقلية التي يُعتبر الفرد الذي يشكو منها غير قادر على اتخاذ قرار بخصوص إدخاله المستشفى وعلاجه بحيث يتسنى فرض العلاج عليه. والشيء نفسه يسري على أي شكل من أشكال الموافقة (المنظمة الدولية للهجرة، 2014). ومن المهم الإشارة إلى أن الأهلية العقلية تتغير على مر الزمن، ممّا يعني أن نفس المهاجر العائد المحتمل غير القادر في وقت ما على إعطاء موافقته قد يكون قادراً على اتخاذ قرار متروٍ في وقت لاحق. والقرار الصالح يعني امتلاك القدرات العقلية الكافية على الفهم واتخاذ قرار معقول فيما يتصل بمشكلة ما وفهم وتقدير العواقب المحتملة لذلك القرار. والأشخاص دون سن 18 عاماً (الأطفال) أو الأشخاص المصابون بأمراض عقلية يُفترض عادة أنهم لا يمتلكون أهلية الموافقة (المنظمة الدولية للهجرة، 2016 - IN/236).

مع تقدم المناقشات بشأن خطة إعادة إدماج العائد يجب أن يعطي مدير حالة إعادة الإدماج العائد فكرة واقعية عن الخيارات والإمكانات المتاحة، وعليه أن يتوخى الحذر لعدم خلق تطلعات غير واقعية وخاطئة.

ويرد في الفرع 1.2 من الدليل الرئيسي قائمة بالرسائل الأساسية التي يجب نقلها إلى العائد، فضلاً عن معلومات إضافية متاحة مقدمة من المنظمة الدولية للهجرة، "الإعداد للعودة" (2015).

وبعد نقل هذه الرسائل بإمكان مدير الحالة أن يدعو العائد إلى استكشاف تجربة العودة مع التركيز على الفرص الحاضرة والمقبلة، ومجموعة المهارات المكتسبة في الخارج التي يمكن أن تكون مكسباً في بلد المنشأ. وهذا شكل أساسي من أشكال الدعم النفسي – الاجتماعي لأنه يتيح للعائد فرصة التحدث عن مشاغله الحياتية ويساعده على تنشيط قدرته على التكيف والتعامل مع المشاعر السلبية والتفكير في حياة جديدة. ولا يُفترض من مدير الحالة أن يعلّق على تصريحات العائد ولكن يمكنه، بدعم تقنيات الإنصات الفعالة، وأن يساعد العائد على توضيح وتنظيم أفكاره وخواطره، وتحديد الأولويات. ولا يتخذ مدير الحالة أي قرار بدلاً من العائد ولو أنه بإمكانه أن يدوّن ملاحظات.

ويجب أن تتبّع المناقشة ترتيب "المعاناة والقدرة على التكيّف والتطور المفعّل"، الذي يتفق مع جدول رينوس بابادوبولوس الذي تمت مناقشته في فصل سابق. والهدف الأخير هو إظهار أن أي تجربة ليست أبداً إمّا إيجابية أو سلبية وبإمكان العائد أن يستحث التطورات.

التطلعات والافتراضات

يفد العائد إلى البلد الأصلي ولديه انتظارات عديدة، إيجابية وسلبية في آن واحد، وهي تستند عادة إلى معتقدات وافتراضات وأحكام مسبقة وعادة ما تكون حافلة بالتخوفات والآمال. وعلى مدير حالة إعادة الإدماج أن يوعز إلى العائد بالتركيز على الواقع، وعلى الوقت الحاضر، وعلى ما يراه أو يسمعه أو يكتشفه يومياً. وإذا ما كانت لديه أية شكوك عليه أن يناقش ذلك مع شخص ما يعوّل عليه.

الشواغل

يمكن أن يفد العائد ولديه شواغل عديدة، مثل الشعور بالذنب بسبب مغادرة البلد والبيت والتساؤل عن كيفية الاستقرار مجدداً وعدم القدرة على الوفاء بالتطلعات التي خلقها لدى الآخرين. وقد يكون العائد قلقاً إزاء أمور عملية من قبيل الحصول على عمل أو سداد الديون أو السفر إلى البلد الأصلي. وبطبيعة الحال قد يتساءل العائد عمّا إذا كان قد اتخذ القرار الصائب. وكل هذه الأمور قد تجعله يشعر بالوحدة أحياناً، ويفكر أن لا أحد يمكن أن يفهم حقاً كل ما مر به.

وقد يكون لدى العائد شعور بالحرج والذنب والتخوّف من فقدان ماء الوجه. وبعد العودة يمكن أن تُعيق المشاعر ذاتها إعادة اندماجه في البلد الأصلي وقد تحول دون الشعور بأنه مع أهله وفي بيته. ومن المهم مناقشة هذه المشاعر وأخذها مأخذ الجد، وإيجاد طريقة للتعامل معها وإعادة إقرار الإحساس الشخصي بالشرف.

وعلى مدير حالة إعادة الإدماج تذكير العائد بأن عناصر القلق والمعاناة هذه إنما هي أمر عادي.

مدير حالة إعادة الإدماج:

  • "ماذا تعتقد أنه بإمكانك أن تفعله للشعور بأنك بين أهلك وفي بلدك؟"

  • "ما هي الإجراءات العملية التي بإمكانك اتخاذها للمضي قُدماً؟"

قد يبدو السؤالان متشابهين لكنهما غير متشابهين: السؤال الأول يُدخل التفكير الذاتي في خطة عمل ممكنة فيما يدعو السؤال الثاني العائد إلى التفكير في الإجراءات الملموسة. والأمر متروك لمدير إعادة الإدماج للتفكير فيما هو مجدٍ حقاً. وهذه طريقة لاستيضاح القدرة على التأقلم وتوخي موقف استباقي تجاه تحديات إعادة التأقلم مع بيئة قد لا تبدو سهلة الفهم.

ومما لا يقل عن ذلك أهمية أيضاً تأكيد أن ليس جميع العائدين يرجعون إلى البلد الأصلي بنظرة سلبية على مستقبلهم بل هم يبدون حماساً وعزماً على النجاح. وبالإضافة إلى ذلك فإن هذين الموقفين يتعايشان دائماً لدى نفس الفرد. وعلى مدير حالة إعادة الإدماج أن يسلّم بالمعاناة وأن يردّد، في نفس الوقت، من جهة أخرى، بشكل إيجابي ويعزز المواقف الأكثر إيجابية واستباقية، بما يُعزز استدامة عملية إعادة الإدماج.

التأقلم

التأقلم مع العودة يحتاج إلى بعض الوقت تماماً مثلما احتاج التأقلم في البلد المضيف إلى بعض الوقت. وستكون تقلبات الدهر حاضرة: ومن المفروض ألا يُسمح للعائد بادعاء التغلّب بسرعة على أية تحديات: والحل هو أن يكون العائد منفتحاً على أية احتمالات قد تظهر. وأحياناً ما هو جديد إنما ينطوي على تحدٍ وهذا أمر إيجابي تماماً في بعض الأحيان.

• هل فكرت في الكيفية التي يمكنك بها الاستفادة بشكل جيد من الأشياء التي ترتاح لها والأشخاص الذين تعوّل عليهم؟

يعطي مدير حالة إعادة الإدماج تلميحات ذات دلالة للتفكير فضلاً عن كونه يستخدم أيضاً ردود العائد كعناصر من أجل وضع خطة مستدامة لإعادة الإدماج على نحو مشترك. وبإمكان مدير الحالة أن يُذكر العائد بأنه سيشعر في بعض الأوقات بأن الانطلاق مجدداً يشكل عبئاً وفي أوقات أخرى سيجد جانباً إيجابياً في بدء حياة جديدة وسينظر إلى ذلك كفرصة جديدة: فالمشاعر المتغيّرة عادية تماماً. والمهم هو أن يمضي العائد خطوة خطوة دون ادعاء أنه يمتلك ردوداً فورية على الأسئلة وحلولاً فورية للمشاكل. والمضي خطوة خطة يعني اعتماد موقف يتميز بالواقعية.

مواكبة التغيّرات

من الأرجح أن يكون العائد قد تغيّر وعاد كشخص مختلف له نظرة مختلفة. وبلده من الأرجح أن يكون قد تغيّر أيضاً: الناس والخدمات والبنى التحتية. وبالتالي فإن شعور العائد بأنه جزء من المحيط الاجتماعي مجدداً أمر قد يستغرق بعض الوقت. ويتعين على مدير حالة إعادة الإدماج أن يذكّر العائد بأنه كلما طالت المدة التي قضاها بالخارج كلما ازدادت التغيرات التي قد تكون حصلت.

  • "هل لاحظت أي تغيرات في بلدك؟ هل هي تغيرات إيجابية أم سلبية؟"

  • "كيف تعتقد أن هذه التغيرات يمكن أن تساعد أو تعيق اندماجك مجدداً؟"

هذه الإسهامات من جانب مدير حالة إعادة الإدماج تساعد العائد على فهم كيفية التأقلم مع التغيّر وإدراك أن التغيّر ليس سلبياً بالضرورة. وهذا يستدعي أيضاً الانفتاح على التغيّرات داخل المجتمع المحلي. ويحتاج الأمر إلى بعض الوقت لتأقلم العائد مع عودته، كما يحتاج الأمر إلى بعض الوقت لكي يتأقلم المجتمع المحلي مع عودة المهاجر. وهذا يعني أن العائد يمكن أن يحاول التزام الانفتاح دون توقّع نفس الشيء من المجتمع المحلي. وقد يحتاج الأصدقاء إلى بعض الوقت لفهم غياب العائد وإدراك التجارب التي مر بها. ولمدير حالة إعادة الإدماج أن يقترح تقاسم المعلومات عن تجارب العائد متى كان مرتاحاً لذلك. وتقاسم التجارب يمكن أن يساعد المجتمع المحلي على فهم قرار عودة العائد.

• "هل فكرت في تقاسم تجربتك لمساعدة الناس على فهم قرار عودتك؟"

صحيح أن أشخاصاً عديدين في المجتمع المحلي قد يعتبرون العودة إخفاقاً وقد يشعرون بالخجل تجاه ذلك. وقد تكون الأسرة قد ساعدت العائد في تكاليف السفر وقد لا يكون العائد قادراً على سداد الدين. والأشخاص في المجتمع المحلي ربما كانت لهم تطلعات بالنظر إلى الوقت الذي قضاه العائد في بلد آخر لكنه لم يفِ بهذه التطلعات. وعلى مدير حالة إعادة الإدماج أن يقول للعائد إن هذه الأمور إنما هي تجارب عادية في مجال الهجرة ولا يجب الشعور بالخجل أو بالاضطرار إلى الاعتذار عمّا حصل، بما أن ما حصل ليس هو السبب فيه. وقد فعل ما بإمكانه أن يفعله والوقت قد حان الآن للتركيز على الحاضر. وطريقة مناقشة العائد لهذه الموضوعات تساعد مدير إعادة الإدماج على التفكير في برنامج إعادة إدماج ممكن.

الأسرة والأصدقاء

سيبدأ العائد علاقات جديدة مع أسرته، ولا سيما مع الأطفال أو مع شريك ظل في البلد الأصلي. وأفراد الأسرة هؤلاء يمكن أن تكون لهم مشاعر مختلفة بخصوص العودة: بعضها إيجابي (مثل الابتهاج والارتياح والتشوّق) وبعضها الآخر أكثر صعوبة (مثل الغيرة أو الغضب أو القلق الشديد بخصوص المستقبل). ومن الهام جداً مناقشة العلاقات بين المهاجر العائد وأسرته وأصدقائه. وتردّي العلاقات يمكن أن يمثّل نقطة ضعف يمكن أن تعرقل عملية إعادة الإدماج.

  • "هل بقيت على اتصال بعائلتك وأصدقائك عندما كنت في الخارج؟"

  • "هل كانت أسرتك على عِلم بأنك قررت العودة؟"

غالباً ما يكون العائد متخوفاً من الأسئلة التي تطرحها الأسرة ويطرحها الأصدقاء. وقد يعتبر هذه الأسئلة تدخّلاً في شؤونه وبمثابة الحكم عليه دون مراعاة كون الأسرة والأصدقاء يريدون فقط معرفة ما الذي حصل حقاً في الخارج.

  • "هل أنت متخوّف ممّا قد يطرحه عليك أفراد أسرتك وأصدقاؤك من أسئلة؟"

  • "هل تعتقد أنهم سوف يلومونك على عودتك؟"

يجب أن يدعو مدير الحالة العائد إلى التفكير في التجارب التي يرغب في تقاسمها مع أفراد أسرته وأصدقائه.

  • "ما رأيك في إمكانية تقاسم تجارب العيش بالخارج مع أفراد أسرتك؟ ما الذي تريد أن يعرفوه بخصوص تجاربك؟"

  • "هل بإمكانك أن تتقاسم الصعوبات التي واجهتها (إن أنت واجهت أية صعوبات) في إعادة التأقلم مع أسرتك؟"

بطرح هذه الأسئلة يحاول مدير الحالة أن يعزّز، إذا أمكن، إعادة إقامة الروابط العائلية أو توطيدها، ويساعد العائد على فهم الآثار العاطفية المحتملة لتقاسم تجاربه. والتركيز هنا هو على المشاعر وهذه الأسئلة يمكن أن تثير رود فعل يتعين على مدير الحالة معالجتها.

ويمكن أن يوعز مدير حالة إعادة الإدماج إلى العائد بأن يكون صريحاً ويتقاسم تجاربه دون إخفائها، ويعرض صوراً وأشياء أخرى يمكن أن تساعد أسرته على فهم ما مر به وتمكينه أيضاً من تقاسم المخاوف والمشاغل والصعوبات في التكيف من جديد. وإذا ما اعتبر العائد أسرته أو بيته محيطاً غير آمن فإنه يكون من المفيد السؤال عمّا إذا كان هناك مكان بديل يمكن أن يقيم به العائد في انتظار الحصول على عمل ومسكن يلبي احتياجاته الأمنية.

المجتمع المحلي

قد يشعر العائد بالقلق بعدم تقبّله بسهولة في مجتمعه الأصلي أو بفقدان مركزه في المجتمع منذ مغادرته. وقد يظن أن مجتمعه الأصلي يتوقع منه العودة بنجاح وفي صحة جيدة وعليه لا بد له من مواجهة تلك التوقعات. وقد يخشى ألا يكون مجتمعه المحلي قادراً على فهم تجاربه. ويقرر بعض العائدين من تلقاء أنفسهم النأي عن مجتمعهم الأصلي بل وحتى العودة إلى منطقة مختلفة بسبب تخوفهم من الوصمة ذات الصلة بالعودة أو الخجل من تجاربهم. وعلى مدير الحالة ألا يُرغم العائدين أبداً على الاتصال بأفراد أسرهم أو أصدقائهم إذا لم يكونوا راغبين في ذلك ولكن عليه مع ذلك أن يشدّد على أهمية إقامة علاقات متينة مع النظراء أو مع العائدين الآخرين.

وشعور العائد بعدم الانتماء إلى المجتمع المحلي لا بد من التسليم به، ليس فقط عاطفياً وإنما عملياً أيضاً. وأي خلاف محتمل داخل المجتمع الأصلي أو داخل الأسرة يجب أيضاً معالجته بمساعدة الجهات الفاعلة المحلية مثل المنظمات غير الحكومية والجمعيات والممثلين الحكوميين وما إلى ذلك. وتُعتبر الوساطة خياراً بهذا الخصوص.

والمجتمع المحلي، شأنه شأن الأسرة، يمكن أن يمثّل في آن واحد عائقاً ووسيلة في مشروع إعادة إدماج العائد. لذلك فإنه من الأساسي طرح السؤال بخصوص العلاقات مع مجتمع العائد المحلي.

  • "كيف تفاعل مجتمعك المحلي مع عودتك؟"

  • "كيف تظن أنه يمكنك التصدي لردود فعل مجتمعك المحلي؟"

  • "هل تظن أن ما تعلمته بالخارج يمكن أن يفيدك ويفيد مجتمعك؟"

  • "هل تظن أنه بإمكانك أن تُسهم في مجتمعك المحلي؟"

يمكن أن يقترح مدير حالة إعادة الإدماج إيجاد مجموعات دعم ومجموعات نظراء يمكن فيها الاتصال بالأشخاص الذين لهم اهتمامات وتجارب مماثلة. وفي حالة وجود صعوبات مع المجتمع المحلي يمكن أن توفّر هذه المجموعات الدعم. وبإمكان مدير حالة إعادة الإدماج أن يشجع العائد على عدم التخوّف من تقاسم تجاربه لأن ذلك يمكن أن ييسّر تدعيم شبكة العلاقات مع النظراء.

  •  "ما هي المساهمة التي بإمكانك تقديمها لمجتمعك المحلي وقريتك وبلدك الأصلي؟"

من شأن هذا السؤال أن يساعد على معالجة الوصم والانطباعات السلبية ومن شأنه أيضاً أن يسمح للعائد بأن يصبح جزءاً من مجتمعه المحلي مجدداً بطريقة فعالة وبأن يقيم سبلاً للمشاركة والمساهمة.

الإمكانيات

تمثّل الإمكانيات قدرة العائد على التكيف. وقد ساعدته عندما غادر العائد البلد الأصلي ويمكن أن تساعده الآن في الاندماج مجدداً. وعلى مدير الحالة أن يدعو العائد إلى النظر في الإمكانيات التي قد يمتلكها بالفعل. والموارد ليست فقط أو الحاجيات وإنما أيضاً التجربة والمخططات والأفكار والأشخاص الذين يمكن التعويل عليهم. وقد يكون صحيحاً أن العائد لا يمتلك الأموال اللازمة لتقاسمها أو لسداد الديون ولكنه لا يعود في الواقع "خالي الوفاض": فقد اكتسب خبرة يمكن أن تفيد أثناء عملية إعادة الإدماج. والخبرة والشجاعة لا بد من اعتبارهما مكسبين وهما عاملان هامان في عملية القدرة على التأقلم وستساعدان العائد على المضي قُدماً.

  • "هل فكرت في الكيفية التي يمكنك بها أن تستخدم تجربتك وأفكارك واتصالاتك لإيجاد أو خلق فرص جديدة لنفسك؟"

  • "هل لك فعلاً خطط لمستقبلك؟"
  • "هل تعتقد أنه بإمكانك أن تستخدم ما تعلمته في الخارج هنا في بلدك الأصلي؟"

يجب أن يكون العائد فخوراً بما أنجزه. وبإمكانه أن يظل فاعلاً ويستمر في توخي نهج استباقي وفي بناء مستقبله بنفسه.

وفيما يتعلق بالخطط يمكن أن يقترح مدير حالة إعادة الإدماج على العائد تحديد تطلعات واقعية وملموسة: فأي نتيجة مهما كانت صغيرة ستحفّزه للمضي قُدماً، أما النتائج السلبية فيجب ألا تحول دون مضيه قُدماً.

المهارات

بالإضافة إلى المهارات التي يكون العائد قد اكتسبها قبل مغادرة البلد الأصلي فإن لديه أيضاً المهارات التي اكتسبها في الخارج. ومتى تعلق الأمر بالمهارات فإن الإشارة لا تهم فقط القدرات وإنما أيضاً المواقف والرؤى واللغة والتقنيات وما إلى ذلك.

وجميع المهارات يمكن أن تشجع على التقدم ويمكن أن تُستخدم بشكل مثمر لأغراض إعادة الإدماج في البلد الأصلي وبشكل خاص في المجتمع المحلي.

  • "ما هي المهارات التي تمتلكها؟"

  • "ما هي المهارات الجديدة التي اكتسبتها أثناء العيش في الخارج؟"

  • "ما هي المهارات التي تعتقد أنها ستفيدك أكثر من غيرها (أنت وأسرتك ومجتمعك المحلي)؟"

لمدير حالة إعادة الإدماج أن يُذكّر العائد بأن لديه مهارات وإمكانات يراها الآخرون ولكنه قد لا يعتقد أنه يمتلكها: من المفيد أن يُطرح السؤال على الأشخاص الذين يثق بهم العائد لمعرفة ما الذي يرونه فيه. فذلك يساعد العائد على تكوين صورة أقوى عن نفسه ويحسّن ثقته بالنفس.

الأولويات

العائد يعود ليس فقط بشواغل وإنما أيضاً بأولويات. وعلى مدير حالة إعادة الإدماج أن يساعده على التركيز على ما هو ضروري في الأجل القصير وليس على ما هو منشود ولكن قد لا يكون سهل المنال في الفترة المتوسطة إلى الطويلة الأجل. ومن المهم تحديد أهداف تتميز بالواقعية وتلبية الاحتياجات الأساسية قبل كل شيء.

  • "ما هو أهم شيء بالنسبة لك؟ فكّر أولاً فيما "تحتاجه" قبل التفكير في ما "تبتغيه". فكّر في الصحة والسكن والعمل والتدريب وغير ذلك من الأولويات."

  • في رأيك "كيف يمكنك تلبية تلك الاحتياجات؟"

الأسئلة مفيدة جداً للبدء في تصميم خطة إعادة الإدماج

الأهداف

إذا كان لدى العائد بعض الأهداف فقد يعني ذلك أنه متحفّز للمضي قدماً. وعلى مدير حالة إعادة الإدماج مؤازرة والعائد وحفزه.

  • ما هي أهدافك الشخصية في بلدك؟

وهذا السؤال هام لأنه ييسّر التفكير في إمكانات الفرد الحقيقية.

لا يمكن تحقيق الأهداف إلا بالاعتماد على المهارات الشخصية والإمكانات الداخلية والخارجية. ومدير الحالة، الذي له غرض مزدوج (تمكين العائد واستنباط خطة إعادة إدماج مكيّفة وفق الحاجة)، بإمكانه أن يساعد العائد على أن يكون فاعلاً في البحث عن الحلول.

تشمل المشورة فيما يتصل باتخاذ القرار مجموعة من الأسئلة (انظر أدناه) لمساعدة مديري الحالات على دعم فرادى العائدين وفي نفس الوقت تقييم مواقفهم ودوافعهم لاختيار مسار مهني معيّن. وتقييم المواقف والدوافع هام بشكل خاص في حالة ما إذا كان العائد مهتماً بتطوير المهارات أو بالتدريب المهني، ذلك أن هذا التطوير أو هذا التدريب عمليتان مكلفتان عادة من حيث الاتصال بموفّر التدريب المناسب وكذلك من حيث النتائج: قد لا يجد العائد عملاً قاراً أو منصباً ثابتاً (استدامة تدخّل إعادة الإدماج)، ولا سيما إذا كانت بنية المؤسسات المحلية هشة وتتميز بضعف الإنتاجية والعمليات كثيفة الاعتماد على اليد العاملة.

استبيان صنع القرار

الأسئلة التالية يمكن أن تدعم المشورة في مجال صنع القرار وتساعد مديري الحالات على دعم العائدين وفي نفس الوقت أيضاً تقييم موقفهم ودافعهم تجاه اختيار حالة محددة. والأسئلة مجمّعة من ممارسات التوجيه المهني المستخدَمة في مختلف دوائر التشغيل العامة العاملة في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية والبلدان النامية.

الأسئلة المتعلقة باتخاذ القرار

  1. ما رأيك بخصوص اتخاذ قرار بشأن حياتك المهنية؟ ما الذي تحتاجه الآن لاتخاذ قرار بخصوص حياتك المهنية؟ ما الذي يمكن أن يشكّل حاجزاً يحول دون ذلك؟
  2. هل اتخذت قرارات هامة أخرى في الماضي؟ هل هناك عملية محددة بودك أن تتوخاها؟
  3. ماذا كان أهم وأصعب قرار اتخذته؟ ما الذي جعله قراراً صعباً بالنسبة لك؟ ما إذا كانت الأوضاع والإجراءات والنتائج المحددة؟ هل كنت راضياً بالنتائج؟ ما هي الاستراتيجيات التي طبّقتها؟ ما الذي حدث؟ ما الذي يمكن أن تفعله بشكل يختلف عمّا فعلته في السابق؟
  4. عند اتخاذ القرارات هل أنت تميل إلى طلب إسهامات من أشخاص آخرين؟ ما مدى اعتمادك عليهم لمساعدتك على اتخاذ القرارات؟ هل تميل إلى اتباع مشورتهم أم هل تأخذ هذه المشورة بعين الاعتبار؟ يُستحسن هنا طلب أمثلة. ما هي المشورة التي تلقيتها من أشخاص آخرين (دون طلبها)؟ ما هي المعلومات والتعليقات التي تلقيتها؟
  5. ((إذا كان العائد حاصلاً على مؤهلات تعليمية على المستوى الجامعي أو على مستوى الثانوية العليا) ما نوع العملية التي توخيتها لاختيار جامعتك أو مدرستك؟
  6. كيف لك أن تساعد صديقاً على اتخاذ قرار؟
  7. ما هي مسؤولياتك في حياتك الآن؟ الأسرة؟ المجتمع المحلي؟ كيف يمكن أن يتفق قرارك المهني مع هذه الصورة؟ هل يمكن أن تفكر في العمل بعيداً عن بيتك؟ هل تكون مستعداً لتغيير مكان سُكانك والتنقل (ذكر مكان يوجد فيه عدد أكبر من الشواغر) من أجل العمل؟
  8. كيف تحدد أولوياتك؟

أسئلة فيما يتعلق باكتساب المعارف

  1. ما هي الخبرة التي اكتسبتها دعماً لهذا الخيار المهني؟
  2. ماذا أعجبك ولم يعجبك في تجاربك ذات الصلة بالحياة المهنية؟
  3. (بالنسبة للعائدين الذين يخططون للبحث عن عمل بشكل مستقل) ما هي الوسائل التي أنت حالياً بصدد استخدامها؟ هل هذه الوسائل في شكل ورقي؟ حاسوب؟ تواصل إلكتروني؟ أشخاص؟ وسائل أخرى؟
  4. ماذا تظن أن تكون خطوتك المقبلة؟

أسئلة تتعلق بالتعامل مع الحالات الغامضة

  1. ماذا تفعل عندما تتلقى معلومات متضاربة من مصادر مختلفة؟ كيف تتعامل مع الاختلافات؟
  2. هل تعتقد أن هذه العملية سوف تؤدي إلى نتيجة إيجابية؟ كيف ذلك؟
  3. هل أنت متفائل بالوصول إلى مهنة أنت تصبو إليها؟ لماذا ولِمَ لا؟

أسئلة تتعلق بالتأثيرات الخارجية

  1. من يؤثّر في قراراتك؟

  2. ما الذي يؤثر في قراراتك؟

أسئلة فيما يتعلق بالقيم

  1. ما هي القيم الهامة في حياتك اليوم؟

  2. إلى من تحدثت بخصوص وضعك؟

  3. خبرني عن نفسك (لكشف العقبات المحتملة)؟

  4. هل تتخذ قراراتك بالاستناد إلى الظروف أو القِيم؟

  5. هل تتخذ قراراتك بالاستناد إلى ما يُمليه عليك قلبك أو ما يُمليه عليك عقلك؟

بناء النموذج على شكل الحرف W

الشكل ألف. 3: النموذج على شكل الحرف W

IMG-Ar-Sh-An-1-G

كنقطة انطلاق يقوم مدير الحالة برسم النموذج على شكل الحرف W على ورقة أو على لوحة كبيرة. وبعد ذلك يشرح مدير الحالة للعائد أن الشكل يمثّل اللحظات الرئيسية التي مرّ بها منذ عودته إلى بلده الأصلي. وتمثّل بداية الخط عودة العائد إلى بلده الأصلي فيما تمثل نهاية الخط اللحظة الزمنية الراهنة. والنقاط العليا ("أفضل اللحظات") تمثّل أفضل الأوقات التي قضاها العائد منذ عودته – أوقات الشعور بالرفاه من الناحية الاقتصادية، وفيما يتصل بالآخرين، أو من حيث الشعور بالاستقرار والإحساس بالانتماء. والنقاط السفلى ("الأوقات التي ليست أفضل اللحظات") تمثّل أسوأ اللحظات منذ عودة العائد، والأوقات التي قضاها في التصارع من أجل التغلب على التحديات التي واجهته.

إذا كان المستفيد يعرف القراءة والكتابة فعليه أن يكتب بنفسه أجوبته على ورقة ملاحظات لزجة. وإلا فإنه على مدير الحالة أن يكتب الأجوبة. وإذا كان العائد يتصارع من أجل الرد فإنه بإمكان مدير الحالة أن يقترح بعض العوامل المشتركة فيما يتصل بإعادة الإدماج من قبيل دخول سوق العمل والوضع المالي وكيفية تقييم العائد لوضعه الاقتصادي.

وبعد إضافة ورقات الملاحظات اللزجة إلى الشكل w بالنسبة لكل فترة من فترات التعثر الاقتصادي يطرح مدير الحالة الأسئلة التالية:

  • هل تم التغلّب على التحدي؟ إذا كان الحال كذلك كيف ومتى؟

  • إذا تم التغلّب على التحدي مَن ساعدك على التغلّب على هذا التحدي؟

  • إذا لم يتم التغلّب على التحدي مَن كان من المفروض أن يساعد؟

  • بالعودة إلى الوراء كيف كان من الممكن إدارة هذا الوضع بشكل أفضل ؟

وبالنسبة لكل فترة من فترات النجاح من الناحية الاقتصادية، يطرح مدير الحالة الأسئلة التالية:

  • حدثنا أكثر عن فترة النجاح. ما هي العوامل التي أفضت إلى ذلك؟

  • مَن ساعدك على اغتنام فرصة النجاح؟

وأخيراً على مدير الحالة أن يسأل العائد عن آماله وخططه وطموحاته وتطلعاته لتحقيق نجاح في المستقبل من الناحية الاقتصادية.

وبعد استكمال النموذج على شكل الحرف W يسأل مدير الحالة العائد عن الخدمات التي يمكن أن تساعده على التغلّب على التحديات التي يواجهها ومن يوفّر هذه الخدمات. وإذا كان هناك موفّر للخدمات يجب أن يسأل مدير الحالة عن كيفية وصول العائد إلى الخدمات المتاحة. وإذا لم يكن هناك أي موفّر خدمات يجب أن يسأل مدير الحالة عن الجهة التي يمكن أن توفّر هذه الخدمة له.

وعلى مدير الحالة أن يسأل العائد، في وقت لاحق، إذا ما كان على اتصال بالمنظمات المحلية، وما إذا كان على علم بالخدمات التي توفرها وأسباب مشاركته مع المنظمات المحلية أو غيرها. وعلى مدير الحالة أن يسأل ما إذا كان العائد يعرف المنظمات غير الحكومية التي توفر الدعم للمجتمعات المحلية والأفراد في المنطقة التي يعيش بها، وما تفعله هذه المنظمات وما إذا كان بإمكان العائد أن يستفيد من ذلك الدعم. وأخيراً، يطلب مدير الحالة من العائد أن يصف علاقته بأصحاب العمل وأصحاب المشاريع (إذا كان هناك أصحاب عمل وأصحاب مشاريع) وما إذا كان بإمكانهم أن يفعلوا شيئاً ما لدعم العائد.

وهذه الأسئلة المتعلقة بتوفير الخدمات تخدم غرضين مختلفين، ذلك أنّها تمكّن مدير الحالة من:

  • تشجيع العائد على المشاركة مع جميع موفّري الخدمات المتاحين (موفرو الخدمات العامون والخاصون ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وغيرها) والتطرق لأية عقبات محتملة قد يواجهها العائد في الحصول على هذه الخدمات؛

  • تحديد موفّري الخدمات الإضافيين الذين قد لا تكون المنظمة المديرة لعملية إعادة الإدماج في البلد الأصلي على علم بهم والذين لم يُدرجوا في نظام إحالة المنظمة. وبالتالي، يمكن أن تكون المعلومات المجمّعة على الميدان التي يوفّرها العائدون بخصوص موفّري الخدمات والمساعدة وطرائق الوصول إلى الخدمات قيّمة جداً لتحديث نظام إحالة المنظمة ومكانته (انظر الفرع 3.1.4 للمزيد من المعلومات عن إقامة نظم الإحالة). ويمكن أن تُستخدم هذه المعلومات لإضافة موفّري خدمات جُدد إلى نظام الإحالة وحذف أو تغيير بارامترات الموفّرين للخدمات الذين توقفوا عن تقديم خدماتهم أو غيّروا عمليتهم للانخراط والدعم.

وبعد المقابلة، يأخذ مدير الحالة صورة من النموذج المستكّمل على شكل الحرف W لأغراض التوثيق والمتابعة والرصد.

وفي حين أن عملية إجراء المقابلات المبينة سابقاً تُستخدم بالأساس لدعم المشورة بعد العودة والتخطيط لإعادة الإدماج فإن النموذج على شكل الحرف W يمكن أن يُستخدم أيضاً كأداة لتحديد النُهج التكميلية الملائمة أثناء تنفيذ خطة إعادة الإدماج وفي نفس الوقت لدعم تقييم فعالية مختلف تدابير إعادة الإدماج بعد تنفيذ خطط إعادة الإدماج. ولكي يُستخدم النموذج على شكل الحرف W كأداة للبرمجة ولتطوير المشاريع يجب أن يُستخدم هذا النموذج مرتين على الأقل أثناء عملية إعادة الإدماج بالنسبة لكل عائد، وتكون المرة الأولى أثناء المشورة بعد العودة والتخطيط لإعادة الإدماج وتكون المرة الثانية، في وقت لاحق، أثناء تنفيذ خطة إعادة الإدماج أو بعده.

المنظمة الدولية للهجرة(IOM)

2014 Returning with a health condition: A toolkit for counselling migrants with health concerns. Geneva.

2015 Preparing for Return. Geneva.

مجموعة البنك الدولي

2016 Livelihood Interventions as Psychosocial Interventions. فيديو، أكاديمية البنك الدولي للتعلّم عبر الإنترنت. هذا جزء من سلسلة تُلقّن سبب وكيفية تصميم مبادرات كسب الرزق من أجل الاستجابة بشكل ملائم وبشكل أخلاقي لاحتياجات الصحة النفسية والعقلية كيما يتسنى للسكان المتأثرين بالصدمات والمصاعب الاقتصادية الاستفادة بشكل كلي من الفرص التي تتيحها برامج التنمية من هذا القبيل.

منظمة الصحة العالمية، مؤسسة الصدمة العالمية، المنظمة الدولية للرؤية العالمية

2011 Psychological First Aid. جنيف. تُقدم وصفاً مفصلاً للإسعافات النفسية الأولية.

ندوة عبر الإنترنت بخصوص الإسعافات النفسية الأولية وهي متاحة على الموقع التالي: . https://app.mhpss.net/event/webinar-psychological-first-aid-pfa-between-evidence-and-practice/.  لدخول الموقع يرجى التسجيل أولاً على الموقع (MHPSS.net)